سعيد البدري
تعتبر انتفاضة صفر أو انتفاضة الأربعين واحدة من اهم الانتفاضات في تاريخ العراق وهي تلك الانتفاضة التي قام بها جمهور المرجعية ورجالاتها وابنائها نتيجة المنع والتضييق الذي مارسه بحق الشعائر الحسينية نظام البعث الكافر فكانت ذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام العام 1977م يوما خالدا سجل للمنتفضين الذين رفضوا هذه السياسة العدائية ضد عقائدهم وشعائرهم حيث اصدر النظام البعثي المجرم قراراته بمنع الزائرين السائرين مشيا على الاقدام من التوجه الى كربلاء لاحياء ذكرى الاربعين مما دفع احباب الحسين الى تنظيم صفوفهم وتوزيع المنشورات في النجف والتي دعت الجميع للمشاركة في المسير إلى كربلاء وهذا ما أدى إلى استفزاز ذلك النظام الملحد ليقوم بشن حملة اعتقالات واسعة من قبل قوات امنه وزبانيته غير ان هذا لم يمنعهم من مواصلة المسير إلى كربلاء فحددوا قبيل ظهر يوم الخامس عشر من شهر صفر موعداً لانطلاق المسيرة زحفا الى قبر سيد الشهداء في تحد علني اقدم فيه السائرين على بذل المهج والارواح في سبيل خلود القضية الحسينية مما دفع ذلك النظام الغاشم الى تدارك الموقف وعقد سلسلة اجتماعات ً مع مسؤولي المواكب الحسينية ومجالس العزاء في النجف فلم تسفر اجتماعاته وخططه وحيله عن نتيجة مع الزاحفين الى كربلاء ولو على الجثث والاشلاء وبالرغم من التهديد والوعيد الذي اطلقته السلطة المجرمة ممثلة بمحافظ النجف المقبور جاسم محمد الركابي الى ان التطورات اللاحقة كشفت عن مزيد من التصعيد تمثل بتدخل المرجعيات الدينية التي اوفدت نجل زعيم الطائفة الامام الحكيم شهيد المحراب قدس سره بعد سقوط كوكبة من الشهداء وهم في الطريق الى كربلاء اثر اطلاق نار اقدمت عليه قوات امن النظام البعثي و كان اول هولاء الشهداء السيد محمد الميالي مما أدى إلى تحرك مئات الشباب الغاضبين إلى مراكز الشرطة القريبة والهجوم عليها وتدميرها فيما اخذت جموع كبيرة من اهالي وعشائر مناطق خان الربع وخان النص والنخيلة بالالتحاق بالمسيرة الحسينية المهم ان شهيد المحراب وعدد من رجال هذه المسيرة وصلوا الى كربلاء بعد صدامات عنيفة مع قوات اللواء المدرع العاشر المتمركز على حدود المدينة المقدسة لاعتراض هذه المسيرة البطولية بل ان الامور وصلت الى ما هو ابعد من ذلك فقد تلقت القوة الجوية العراقية اوامر بارسال طائرات ميغ23 وقد اعطيت لها اوامر مشددة بالتدخل وضرب الزائرين ان اقتضت الحاجة وبينما اخترقت المسيرة كل هذه التحكيمات ووسائل الارهاب الدموي وحملات الاعتقالات المتكررة التي كانت تشن بين ساع واخرى فوصلت الى المرقد الطاهر معلنة البيعة والولاء للامام سيد الشهداء الحسين وهناك بثت عناصر النظام شائعة مفادها وجود قنبلة موقوتة داخل الضريح الشريف حتى دبت حالة من الذعر والفوضى داخل الضريح فقامت القوات البعثية المدعومة بميليشيات مسلحة بحملاتها والقت القبض على حشود ومجموعات كبيرة من الشباب الذين تم اعدام عدد منهم في مناطق قريبة من كربلاء بينما اقتيد العشرات الى المعتقلات وسجون التعذيب وكان من بين هولاء المعتقلين شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم قدس سره وحشد اخر من الفضلاء وطلاب الحوزة العلمية وشيوخ العشائر وهذا ما دفع الحوزة العلمية في النجف وكربلاء الى التعطيل والتهديد باتخاذ اجراءات مضادة اعلنها المرجع الديني الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره الشريف . الى هذا الحد انتهت احداث انتفاضة صفر الخالدة التي دفعت النظام البعثي ومن يخططون له ويمدونه بالتدابير واساليب مواجهة الشعب العراقي من خارج الحدود الى العمل جديا لاخراج المرجعية الدينية من معادلة التاثير والارتباط بالشعب العراقي فنظمت حملات تلتها حملات اخرى لاعتقال كل من يتكلم ويتحدث بمنطق مخالف لافكاره ومتبنياته الالحادية الفاسدة بل ان النظام فرض فيما بعد قيودا ومحددات صارمة بحق من يقف بوجه مخططاته او يحاول ان يعيد للاذهان صورة مشرقة من صور الارتباط بالائمة الاطهار عليهم السلام الذين يمثلون بكل حركتهم الاسلام العظيم فالمستهدف كان الايمان القابع في الصدور الذي يحرك الانسان للثورة ضد الظلم والطغيان وابرز عناوين الثورة ومحركها كان ولازال بلا ادنى شك هو الامام ابي عبدالله الذي ابى الضيم . ان ابرز ما قامت به المرجعية وهي تتعرض اليوم لهجمة فكرية شرسة يقودها بعض من يوصفون بانتمائهم للمذهب بانها مؤسسة مجتمع مدني ولادخل لها في الحكومة والسياسة عموما بينما هي سعت وتسعى لان يعيش الانسان حرا كريما فمتى ما طغى السياسي وصاحب السلطة وتجبر فسيجدها امامه وليس كما يدعي ويقول حسين الاسدي الذي اشبه صوته بانكر الاصوات واقبحها لانه لم يرعى ذمة وعهدا لهذه المؤسسة التي تمثل امتدادا لحركة ائمة الهدى واقول ايضا بمناسبة انتفاضة صفر التي نريد انصاف دور المرجعية فيها بانها أي المرجعية بتدخلها وقيادتها لحشود السائرين انذاك فقد احبطت مؤامرات النظام البعثي للالتفاف عليها، ولاشعار المنتفضين وعموم الشعب وهو موقف للتاريخ لايستطيع نكرانه احد انها معهم في موقفهم البطولي الكبير وتحديهم للظلم كما تمكنت من افشال مخطط النظام الكافر في ضرب هذه الانتفاضة سياسياً وتصويرها على انها ثورة رعاع كما اعترف بذلك احد الفارين من اتباع النظام مطلع الثمانينيات في لندن . وقد كانت المرجعية بمواقفها كما هي اليوم على وعي كامل بما كان يحيكه من يريد القفز على وعي الشعب العراقي ويحاول ترويضه وخداعه و اسكات الصوت الحر.اننا اليوم وكما كنا دائما نستذكر بفخر تلك الدماء والتضحيات الجسام التي قدمها الاتباع الخلص لمدرسة اهل البيت في تلك الانتفاضة التي يقطف ثمارها العراقيون اليوم فيخرجون احرارا في جموع وكتل البشرية مليونية تردد نفس الصرخة وهي تزحف الى قبر كعبة الاحرار الامام الحسين عليه السلام معلنة رسالة التحدي للارهاب والفرق بين الامس واليوم بات واضحا جدا فالعالم بالامس كان ينظر بعين واحدة مقسومة بين معسكرين غربي وشرقي اما اليوم فمع عدائه المستحكم للاسلام الى انه لايخفي اعجابه بهذه التظاهرة المليونية المعطاء اما الفرق الثاني فهو ان اعداء المرجعية وجمهورها كانوا كانوا ملاحدة ملاعين بوصفنا الدقيق للبعثيين ومن تحالف معهم اما اليوم فهم يرتدون زي الدين ويتكلمون بلسان التشيع ويتنكرون بثوب المحب ولهولاء نقول اعتبروا من الذين قبلكم لانكم ستندمون يوم لاينفع الندم ..
https://telegram.me/buratha