بقلم : قاسم محمد بجاي
غربال الزمن كفيل بحذف كل ما هو رديء من الأشخاص، وكل ما هو رديء من الآراء، وكل ما هو رديء من الإعمال.ليست الديمقراطية مطلوبة لذاتها ، بل لأنها تؤمَن العدل للناس ، الممارسة الديمقراطية ذاتها هي في الحقيقة ممارسة متقطعة لا استمرار ولا تواصل لها في الفعل والعمل ، خصوصا في العراق ، فمن خلال التجارب اكتشفنا أنها حقا ديمقراطية اللحظة (لحظة الانتخابات )اللحظة التي يجلس فيها على الكراسي ، أعضاء البرلمان .. أعضاء مجالس المحافظات .. الخ ، أو اللحظة التي يقومون فيها باستفتاء على قانون أو حكم ما أو موقف سياسي أو اقتصادي .. تخشى الحكومة اتخاذ قرار فيه فتورط الناس في اتخاذ هذا القرار ... من المعروف إن ممارسة الديمقراطية ( الانتخابات ) لا تدوم سواء اقل من يوم واحد وبمجرد وضع ورقة الاقتراع في الصندوق من قبل الناخب سرعان ما يفقد حيثيته كممارس للديمقراطية حتى يحين وقت مجيئه القادم بعد 4 سنوات وخلالها تغيب فيها الديمقراطية عن الساحة السياسية ، ولا يبقى فيها إلا الشكل والهيكل ، ولتفعل السلطة خلال ذلك ما شاء لها إن تفعل ، دون رادع فوري يوقفها عند حدها ، فهي يمكنها إن تخترق الدستور وان تنتهك القانون وان تحل مجلس النواب وان تؤجل الانتخابات وان توقف العمل بالدستور حتى إشعار أخر كل ذلك يمكن إن تفعله السلطة ، فما الذي يستطيع إن يفعله المواطن الممارس للديمقراطية في ( الانتخابات ) غير إن يقول رأيه ويعبر عنه أو يتخذ توصية وقرار تميعه الحكومة بعد ذلك وهو خارجها ينتظر الدورة القادمة ....أقول للناخب العراقي إن لا ينجر كما حصل في السابق وراء الألقاب حيث إن حقائق الرجال لا تغيرها ألقابهم ، فالذي يؤدي دور الكلب يبقى كلبا ، حتى وان حمل لقب ( صاحب الجلالة) أو( صاحب السمو) أو( دولة رئيس الوزراء )... الخ،والذي يؤدي دور الثعلب ، ( يظهر ما يعجب الناس ، ويفعل ما يعجبه ) يبقى ثعلبا ، وان حمل لقب (سماحة )أو( شيخ الإسلام ).... الخ.لكي نميز بين دورة انتخابية وأخرى في ظل النظام الديمقراطي يجب إن ننظر إلى تأثيرها على حياة الناس في مجالين : إطلاق الحريات العامة ، وتحقيق العدالة الاجتماعية .الناس ثلاثة : من يلدغ من الجحر مرة واحدة ولا ينتخب المرشح نفسه مرة أخرى ، ومنهم لا يرتدع إلا إذا لدغ مرتين، ومنهم لا يرتدع حتى وان لدغ من جحر مليون مرة ، ولكل واحد فيهم أسبابه الخاصة .أقول للمرشح إلى أي منصب كان ، خذ عبرة من الذين قبلك ، عندما تريد إن ترفع شعاراً للناس ، فلا بد إن تكون دقيقاً فيه ، فلا تقولن ما تضطر إلى تغييره يوم ما ، فيكون ابتلاعه مستحيلاً عليك .إذا كان الموقع الذي يتقلده المرء اكبر مما يستحق ، يكون كمن يلبس طاقية اكبر من رأسه ، فهي سرعان ما تغطي عينيه ، أم إذا كان اصغر منه ، فيكون كمن يلبس حذاء ضيقاً ، فهو يضغط على رجليه حتى يدميها .أحيانا نكتشف إن ما اعتبرناه يوماً ما ( نعمة ) كان في حقيقته ( نقمة ) والعكس صحيح إنما العبرة في النتائج وليس في الأسباب .نعم الجماهير تتدخل وتغضب وتثور وتفرض آراء وأحكاما وتحدد مواقف ، وتسقط أنظمة وحكومات متعسفة جائرة وتجر الطغاة في الشوارع ، وتضحي من اجل ذلك ويسقط الشهداء ، وفي الأنظمة الديمقراطية التي من أهم سماتها الانتخابات وعن طريقها يختار الشعب من يثقون فيه ويطمئنون له ، مما تقدم نرى إن الشعب صاحب المشروع أولا وأخيرا ، ليس عيبا إن ينتخب المواطن قريبه أو ابن منطقته أو من مذهبه ومن قوميته ، ولكن العيب إن ينتخب من هو ليس أهلاً لخدمة وطنه الكبير العراق .
https://telegram.me/buratha