مع حلول شهر صفر الخير يستعد الموالون في هذا الشهر لإحياء شعيرة زيارة الاربعين عبر البذل والعطاء, ومن خلال المواكب والهيئات الحسينية المنتشرة في كل موضع يضع فيه الزائر قدمه الطاهرة, لكي تقدم ما تقدمه من الخدمات لهذه النفوس المصطفاة الوافدة من شتى بلدان العالم وأبعدها لزيارة قبر الامام الحسين واخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام, وما اروعه من مشهد حيث يغص كل زقاق من ازقة كربلاء بالزائرين, وبالهيئات المواكب الحسينية, فأينما رميت ببصرك وجدت مكاناً مخصصا لخدمة الزائرين.
وإنها لتعد خطوة مميزة يقدم عليها اهل العراق في هذا الوقت بالتحديد, فلم نجد نضيرها في اي مكان, حتى في موسم الحج, الذي يعتبر من اهم الفرائض التي يؤديها المسلمون كل عام, فإننا لم نجد اهتماماً بالحجيج في بيت الله الحرام كما في زيارة الاربعين, ولعل السبب من وراء ذلك هو ان المجتمع العراقي والكربلائي بالخصوص يشعر بأنه جزء من قضية الامام الحسين عليه السلام, فهو يرى ان الله قد شرفه بأن جعله في بلد تشرفت ارضه بضم جسد الامام الحسين عليه السلام, ويتحتم عليه ان يؤدي ولو جزء بسيط من هذا الشرف.
ان البذل والعطاء الذي يقوم به ابناء الشعب العراقي في سبيل احياء شعائر الامام الحسين عليه السلام, يعد تشريفاً وتسخيراً الهياً, وكأن الله يختار من بين خلقه من يحمل راية الخدمة واداء الشعائر في كل عام لنصرة حماة الدين وهم اهل البيت الرسالة, وأهل العراق يستعدون لجمع الاموال الكافية لتأسيس المواكب والهيئات الخدمية على مدار السنة, وكل واحد منهم يبذل ما لديه من مال في سبيل ان يبقى ذكر الحسين وشعائره مستمرةً في كل العصور, وهو شعور فطري يشعر به الموالين تجاه إمامهم الذي ضحى بنفسه وماله وعياله في سبيل إعلاء كلمة الحق والمذهب, ومن المؤسف جدا ان نجد من يخالف هذه الفطرة النقية, ويطلق دعوات ملؤها التشكيك والتسقيط لشعائر الامام الحسين, والأكثر من ذلك انهم يدعون الى ما تدعوا اليه بعض الجهات التي تحمل مشروعاً غربياً تهدف الى تمييع المجتمعات في مصهرة العولمة ومواكبة العالم الغربي بعيوبه ومحاسنه, لذلك سيبقى احياء الشعائر في كل عام, والمواظبة على خدمة الزائرين من خلال الهيئات والمواكب الحسينية هي الرد العملي لكل التشكيكات التي تصدر عن ادعياء التحضر والتعايش مع اعداء الدين.
14/5/1223
https://telegram.me/buratha