مكتب الدراسات السياسية - المجلس الأعلى الإسلامي العراقي - كندا
ان التحديات السريعة الحاصلة في عالمنا العربي والتي يصطلح عليها بمسميات غير مبررة البتة فرضت علينا للتداول ,على الرغم من انها مصطلحات غير منسجمة ولا معبرة عن ذاتها اومكنونها كــ"الربيع العربي" الكثيف الخضرة والظلال او " الصحوة الاسلامية" الغارقة في العرفان والتقوى ... ولا غرابة اذا وجدنا من يسميها بالــ"الربيع الاسلامي" او " الصحوة العربية" ولم لا طالما ان الربيع والصحوة لهما القدرة على تبادل الادوار كما هو الحال مع ادوات الحراك فكلها تتبادل الادوار ولكن بمسميات مختلفة هدفها ادخالنا في متاهة جديدة اكثر تعقيدا من سابقاتها وأكثر مكرا وخبثا.لقد سار المشروع بخطى متسارعة حثيثة الى حيث الهدف المنشود بآليات مختلفة كل حسب المعطى السياسي على الارض و الموقع الجغرافي, ولكن الملفت والمشخص هو انه ليس من باب الصدفة قطعا ان تكون الاداة هي ذاتها في جميع الحالات: "الاخوان". حتى اصبح الغرب مولع بهذه الكلمة حتى اخذ سياسيوهم يتداولونها في خطابهم الدبلوماسي "براذرز" تحدثنا مع "البراذرز" وقال لنا الــ"براذرز" واتفقنا مع الــ"براذرز" وكأنها كلمة من كلمات السر التي فتحت لهم المصباح السحري وخرج المارد لينادي الاطلسيين" شبيك لبيك عبدك بين يديك أأمر تطاع" .نعم فالغرب أدرك انهم الاخوة الذين يحتاج إليهم ليوم الشدة, وأدرك الغربي كذلك من فهمه لواقع ديننا وأمتنا وتراثنا ومحاور الصراع في المنطقة أنهم الضالة المنشودة. فهم بالنسبة له "اخوة يوسف" ,على مستوى المكر والحسد فقط, الذين سوف يحاولون الاستفراد بأخيهم ليجيئوا بالقميص وعليه الدم الكذب ولنا ان نفهم سر القميص ولكن لا بئر ولا سيارة هذه المرة فــ"ليل داج وسماء ذات ابراج" ينتظران الجميع اذا لم يكن هناك موقف حازم وفهم يستند لاستراتيجية ناضجة في التعاطي مع مجمل الواقع والمتغيرات على الارض كي تضع الامور في نصابها دفعا لاهوال لا يعلم لها قرار ولا مستقر.ان مستوى التلازم والمواربة في عملية تبادل المنفعة الجارية بين الغرب الأطلسي والأخوان اصبح عميق ومتجذر وراسخ الى حد أنهم الأداة الأهم والتي يعول عليها في صناعة الشرق الاوسط الجديد الذي يريده الأطلسيون لنا, لا الشرق الأوسط الجديد الذي نريده نحن لأنفسنا ولأجيالنا. انه صراع تشكل وبُلوِر لجغرافية جديدة لها بعد سياسي وديموغرافي مختلف متاما عما هو موجود اليوم ولذا فكل الاطراف تدفع بما تبقى لها من اوراق لتنجز امراً ما لم يعد مُبهماً في كل تفاصيله.ان محاولة خلق طوق اخواني مؤدلج لترويض الجماهير الجامحة وإرباك سلوكها ومفاهيمها حتى تفقد الشعور بالإتجاه وصولاً الى فقدانها البوصلة تماماً بما يدخلها في حالة انعدام الوزن لتصطدم بحائط الوهم ليصيبها العمى التام والصمم الكامل وتفقد معه القدرة على التعبير عن الذات وذلك لانعدام الذات فهم ايضاً "صم بكم عمي " فتسير عند ذلك الى حيث المبتغى. فالخطورة الأكبر هي قطعاً خلق بيئة مأزومة بالمعنى المشار أليه تُضَخ من خلالها ودون مسؤولية شتى أنواع الرؤى والتصورات بهدف مواجهة ايران ومشروعها التحرري والتنموي والتنويري لإخراج الأمة من براثن التبعية والاستمرار في الدوران في ذات الفراغ اللامتناهي من الشعور بالضآلة امام الغرب المتغطرس ومحو عقدة تفوقه علينا مرة والى الابد.ففي خضم الاصطفافات الدولية الحالية هناك من يحاول ان يرسم صورة اقليمية مموهة من خلال طرح مايسمى"مشروع الأخوان" وهو قول واهي تماما اثبتت الاحداث بطلانه. فبشهادة القاصي والداني فإن قيادات الاخوان مخترقة إلى حد النخاع وقد أصبحوا لايعدون عن كونهم أداة للمشروع الأطلسي والتي تعتبر تركيا هي رأس الحربة فيه منذ البداية. والأكثر من ذلك فإن تتبع البذرات الأولى لانطلاق المشروع الأطلسي نلاحظ ان تركيا حاولت تسويق نفسها على أنها البديل الطبيعي في المنطقة لوجود اسرائيل وحاولت جاهدة اقناع امريكا واوروبا بدورها من خلال عدة مقاربات نوجزها بالنقاط التالية :1) ان تركيا هي دولة اقليمية وليست دخيلة على المنطقة ومحتلة كما هو الحال مع اسرائيل .2) ان تركيا تستطيع ان تمرر الخديعة على العرب والمسلمين بيسر على اعتبارها مسلمة من خلال تأجيج مشروعها الطائفي المنسجم مع المنطق الطائفي المأزوم والذي يروج ويؤدلج له بكثافة في المنطقة.3) ان لتركيا قوة عسكرية تضاهي قوة اسرائيل واكثر مع عمق جغرافي أوسع وموقع جيوسياسي متميز.4) ان لتركيا خبرة طويلة في التعامل مع شعوب المنطقة من خلال الخديعة والظلم و هي على استعداد لاحياء مشروعها العثماني مرة اخرى.كل هذا شكل نقطة المنطلق للسير بمشروع تحفيز الاخوان ليكونوا اداة أطلسية في استثمار طاقات شعوب المنطقة باتجاه الضد من مصالحها وتنميتها وتطلعاتها بالسيادة والرقي. إن تفعيل قوى إسلاميه لهكذا دور وخصوصا "الأخوان" هو مشروع قديم تم صياغته بعناية وتمعن عن سابق إصرار ووعي وخير دليل هو حراك هذا الفصيل في بلدين مهمين وكبيرين كمصر وتركيا وما يجري وجرى في تونس وليبيا لهو شاهد ايضاً. ان تحريك الإخوان كأداة طيّعة خدمةَ لأهوال تحاك ضد أمتنا تستوجب منا التمييز بين امرين :الاول هو وضع التصورات الملائمه لمواجهة هذه التحديات والمخاطر فلايمكن ان نسير في ظلام دامس دون مرشد نهتدي بهديه, والثاني هو أن الغرض من استخدام الاخوان هو لضرب العقيدة بضدها النوعي والذي سوف يدخلنا نار الدنيا والاخرة إن نحن اعترضنا ويدخلنا جنة الاخوان لو آثرنا الاصطفاف مع جوقة المطبلين لهكذا خيار, والخطورة هنا ان البسطاء من الناس سوف يجدون أنفسهم بين خياري الجنة والنار ولو بمفاهيم تركو-اطلسية متعجرفة ما انزل الله بها من سلطان , مفاهيم شُكِّلت بكل دهاء ولؤم الغرب مستغلة طيبة وبساطة الشرق معللين انفسهم بالمعرفة والقدرة على التفوق ولكن هيهات فمهما عرف "أخوة"يوسف وفهموا ووعوا و استوعبوا رؤيا يوسف وان مكر به آخرون ولكن "قميصه قد من دبر" فوا عجبا من سر القميص و " َاللَّهُ غالب عَلَى أَمْرِهِ" .
https://telegram.me/buratha