من يستذكر الحقبة السوداء للحكم الشمولي، يدرك البون الشاسع بين الدكتاتورية والديمقراطية، والاجواء الملبدة بالغيوم والاحزان، وبين سماء ناصعة مفعمة بالاضواء، والوضوح في تداول السلطة وقيادة سفينتها تحت الانوار، وتحت رقابة الشعب ورقابة القانون وقبلهما رقابة الضمير...
صحيح أننا نواجه مشكلات في الخدمات، وشخصيا أعاني من مشكلات صحية ومالية وسكنية و تراجع تجهيرز مواد الحصة التموينية الى حد خطير، وبيتي محاط بالأوحال لأني أسكن منطقة شوارعها غير معبدة مع أنها في منطقة تقع داخل حدود أمانة بغداد ، بل قرب أهم منطقة فيها..
أقول كل ذلك أعاني منه وغيري أيضا يعاني ربما أكثر مني، حي طارق، الكمالية، التراث ، الفضيلية ..بوب الشام، الحسينية .الخ...لكني منذ 2003 سعيد جدا بمعاناتي!! فقد بت قادر على أن أعبر بوضوح عن معاناتي وهمومي، واستعمل حقا كفله الدستور لي، وهو حق شتم من يتسبب بمعاناتي في عدد كبير من الصحف التي أكتب فيها، دون أن يرد أي من الذين أشتمهم! وأفسر عدم ردهم بواحد من إحتمالين، أما لأنهم مقرين بالذنب والتقصير ولا يجدون جوابا وردا...أو أنهم "لابسيني" كما لبسوا 32 مليون من الذين يعانون مثلي...!
وقد يتمهني قاريء أو أي من الساسة بأني أتعامل مع الديمقراطية بسذاجة وفهم سطحي، ..لكن مثل هذا الإتهام مردود، ونحن نرى ونسمع يوميا شتائم الساسة وإتهاماتهم بعضهم لبعض، حتى تحولت مؤسساتنا الدستورية، وفي مقدمتها الابرلمان الى "مشتم خانة"، على وزن " بنزين خانة.. حيث بعضهم يشتم بعض...!
ويظل الناتج اللافت للنظر في هذه الممارسات، اننا نجد بين ممارسيها من ينظر للديمقراطية بنظرة سطحية ويتعامل مع القشور دون اللب، ويذهب بمطالبه بعيدا عن المنطق والقانون، فهناك من ينصب نفسه بديلا للسلطة والقانون، ويطالب بتسليمه من اخطأوا التصرف، ليكون هو حاكما وجلادا كما كان الطاغية المقبور..! فيما آخر تمادى في مطالبه، وذلك بإخراج الجيش من محافظته، وكانها مقاطعة مسجله بأسمه، وكانه هو القانون والقاضي...وفي ذلك قصور فهم للديمقراطية على كثير ممن ان يعوا الديمقراطية لانها منهج عمل وسلوك منضبط للبناء.
كلام قبل السلام: غابت افاق الديمقراطية الحقيقية ودورها الفعال عن فهم ساسة اليوم، وكانت النتيجة صورة مشوهة تماما لها...!
سلام..
27/5/1227
https://telegram.me/buratha