بقلم: محمد باسم
من الممكن سماع خبر غرق شخص او مجموعة اشخاص في نشرة للاخبار او من خلال احد الاصدقاء او الجيران في نهر او شاطئ او بحر او ما الى ذلك، لكن من الغريب جداً ان تصحو صباحا لتجد نفسك غرقاً انت وعائلتك وانتم نائمون والمصيبة ان ذلك لم يحدث لك وانت مخيم قرب شاطئ او بحيرة لا بل في عقر دارك، هذا ما يستغرب له العقل البشري ويضع عليه الف علامة استفهام واستهجان وتعجب!كم آلمتني صور طالعتني على صفحات موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك لعدد كبير من مناطق بغداد وانا ارى وجوه العوائل المكلومة بمنازلها ومن خلفها ابتسامات الاطفال البريئة وكأن لسان حالهم يقول نريدها مطراً يومياً، لا نود هنا ان نجلس ونندب حظنا على ما جرى وما صار فما حدث قد حدث ولا ينفع اللوم او التقريع، لكن قراءة سريعة للماضي القريب واحداث الامس ويومنا هذا كفيلة بأن تضع الحروف على النقاط وتوضح الصورة المرتبكة التي يتناقلها المواطن في الشارع، فكلنا شهدنا وسمعنا ما جرى لبغداد بعد المنخفض الجوي الماطر الذي تعرضت له والذي وصفته الانواء الجوية بالاغزر والاعنف منذ ثلاثين عاماً.وما لا يعرفه الكثير من الناس ان شبكة الصرف الصحي في بغداد بنيت سنة 1954 وتأسست بعدها مصلحة المجاري العامة عام 1955 من اجل ان يكون عمل هذه الشبكة متكاملاً ومنذ ذلك الحين لا بل واقدم من ذلك تتعرض بغداد للغرق بين حين واخر حتى بات ما يجري لها مثلاً شعبياً يضرب بين بناء الشعب العراقي فيقال "البصرة حريق وبغداد غريق" نظراً لكثرة ما كانت تتعرض له مدينة البصرة من الحرائق بسبب البيوت المبنية من القصب والمنتشرة في احيائها الفقيرة، أما بغداد فكانت تتعرض إلى الغرق بسبب عدم السيطرة على مياه دجلة وإهمال الدولة للسدود، والسيطرة على الماء ويضرب هذا المثل للخيار بين أمرين أحلاهما مرَ، اما اليوم ونحن نعيش في ظل ميزانية دولة عملاقة تجاوزت المائة وعشرون مليار دولار لم يخصص منها ولا حتى فلس واحد ـ على ما يبدو ـ للبنى التحتية او شبكة الصرف الصحي على اقل تقدير وفي كنف نظام ديمقراطي كما يقال، هذا ما يثير الالم في النفوس التي باتت تتلقى المصائب من كل حدب وصوب والغريب في ذلك انه ورغم كل هذه المصائب الا ان الشعب العراقي لم يفقد حس الفكاهة وراح يتندر على ما يجري له رغم الالم، فبعضهم اسماه اعصار جاسمية واعصار صبرية تيمناً بأسماء الاعاصير التي تضرب العالم الغربي بالرغم من انه لم يكن اعصاراً بل بعض السويعات من الامطار الثقيلة والتي من المفترض ان لا تشل الحياة وتحول العاصمة الى منطقة اهوار كما شاهدنا، والبعض الاخر اطلق عليها تسمية اولمبياد الالعاب الشتوية المقامة في العاصمة الحبيبة بغداد، نظرا لاستخدام بعض المواطنين مايصطلح عليه بالعامية بـ (البلم) للتنقل في شوارع العاصمة."جاسمية" و"صبرية" هما إرهاب من نوع آخر، إرهاب الفساد، إرهاب السرقة، إرهاب التستر على المجرمين والمفسدين، من الذين اوغلوا في ظلم الشعب العراقي وسرقته عياناً، الى كل هؤلاء نقول لهم لا تثقلوا على شعب جل تأريخه ثورات ضد الظالمين.
https://telegram.me/buratha