عباس المرياني
لا يختلف موقف المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عن مواقفه العقلائية السابقة في رؤيته لمعالجة الازمة الاخيرة التي تولدت وتسارعت تداعيات احداثها بطريقة مؤسفة بعد ان تم القاء القبض على عدد من حماية وزير المالية رافع العيساوي من قبل قوة حكومية في مقر الوزارة بتهم تتعلق بالارهاب وتشكيل مجاميع ارهابية بطريقة غير حضارية كما يعتقد الوزير فجاءت ردة الفعل معاكسة ومتساوية مع عملية القاء القبض عندما هرع الى مسقط راسه محشدا الحشود ومؤلبا الجماهير بطريقة ليست حضارية ولا تتمشى مع النهج الديمقراطي وكشفت عن عورات هو غير عابئ بها بقدر اهتمامه باستثمار المناسبة بطريقة ديمقراطية تحسب نتائجها في صندوق الانتخابات.كما استغل بعض المنحرفين واصحاب النفوس المريضة الحشود الجماهيرية والنقل الفضائي لبث سموم الفرقة الطائفية والتجاوز على اغلبية الشعب العراقي بطريقة فجة ووقحة ولا تنم عن ادنى شعور بالمسؤولية .ورغم حالت الشد والجذب التي تشكلت بعد حادثة اعتقال افراد حماية العيساوي وما سببته من احتقان في الساحة السياسية وانقسام الشارع بين طرف مؤيد وطرف متسائل ورافض وطرف ثالث معارض، وبمراجعة مواقف هذه الاطراف نجد ان الطرف الذي وقف الى جانب العيساوي قد تسبب بكشف عورات هذا الطرف بسبب الممارسات والاليات وطبيعة الخطاب الطائفي العدائي الذي سيطر على حديث هذا الطرف وطرف وجد ان ما حدث مع العيساوي امر ليس صحيحا ولكن معالجته ليست بهذه الصورة انما تتم من خلال الحوار والطرق القانونية وبعيدا عن تاجيج الشارع واستغلاله بصورة سيئة لاغراض شخصية وانتخابية وطرف ثالث يرى ان ما حدث مع حماية العيساوي عين الصواب وان ما قام به العيساوي وافراد حمايته تجاوز واعتداء ويجب ان يحاكم عليه ودليلهم على هذا التجاوز الاحداث التي اعقبت عملية الاعتقال وتجمعات وخطب الفلوجه .ويمكن القول ان موقف المجلس الاعلى اتجاه القضايا التي تشهدها الساحة السياسية هي مواقف عقلائية ثابتة وتركن الى التهدئة والحوار والاحتكام الى الاليات القانونية والدستورية والتوافقات السياسية التي تشكلت على ضوئها الكثير من محطات الدولة ويبتعد بكل المسافات عن الاثارة وتاجيج الشارع او حقنه بمصل انتبايتك البعد الطائفي او الحزبي او الشخصي لانه يعتقد ان بناء الدولة وليست الحكومة على اساس وحدة الوطن والمشاركة الحقيقية في صناعة القرار وبناء البلد وتقديم الخدمات لا ولن يتم من خلال صناعة الازمات او خلق العداوات .كما ان المجلس الاعلى يعتقد ويجزم ان تسيس القضاء او تضعيفه او التشكيك باستقلاليته ليست منطلقات صحيحة لبناء سلطة قضائية ناجزة ومستقلة تساهم باستقرار البلد وتحقيق عدالته والقضاء على الفساد والجريمة.لكن المجلس الاعلى على الطرف الاخر يرفض الارهاب بكل اشكاله ويدعوا الى القضاءعلى جذوره نهائيا ويطالب ان تكون معالجة هذه الملفات بطريقة حضارية وبعيدة عن الاعلام او الاصطفافات .لا اخفيكم سرا اذا ما قلت ان مواقف المجلس الاعلى العقلائية قد تسببت له بحرج كبير امام اتباعه وتنظيماته ومحبية خاصة بعد تداعيات احداث اعتقال حماية العيساوي وما تلاها من تصعيد وخطاب طائفي وتجاوز على الاكثرية لان في الجنون حكمة في بعض الاوقات كما يرى البعض لكن المجلس الاعلى لا يعتمد على هذا البعض انما يتصرف بحكمة في كل الاوقات ولا يهمه ما يفعله الآخرين من تجيير واستغلال لهذه المواقف من اجل مكاسب حزبية وشخصية حتى وان كانت مواقفه هذه تتسبب بانكفاء الناس والشارع عنه لانه يؤمن بالبناء الصحيح لمشرعه الحضاري في بناء الدولة المدنية العصرية الحديثة ولا يؤمن ببناء الفرص لتدمير الدولة واستهلاك الوطن وقتل المواطن. .
https://telegram.me/buratha