سعيد البدري
ان ننشد الوعي ونبتعد بالعقل الانساني عن مساحات التجهيل والظلام فهذا امر محمود وحسن وجميع اهل الارض من شتى التوجهات والخلفيات يرون في ذلك الصواب بل هو عين الحقيقة ولنا ان نقول في هذا المقام ونحن نبحث عن الحقيقة ان الشيء الوحيد الذي يستحق البحث والتقصي وبذل كل غال ونفيس في سبيل الوصول اليه. من هنا اقول ان الوعي الذي يتحدث عنه منتقدي المجتمع العراقي بالاخص منتقدي الشيعة الامامية منهم بشكل خاص وبلا تطفل على تاريخهم الذي صنعوه وجزء كبير منه يستحق الاشادة لانه نتج عن اجتهاد وعمل كبيرين وبحث عن هذه الحقيقة التي اسلفت فلست اريد التطفل او كسب ود الشيعة او تنصيب نفسي مدافعا عن حياض المذهب او ناطقا باسمه, لكن ما يطرح من افكار واحاديث وروايات واستنتاجات لابد من مناقشته وبيان ما خفي من خلفياته لان طرحه بهذا الشكل فيه ايهام او تعبير عن وجهة نظر كاتب من الزاوية التي يراها هو للامور لا ما يراه غيره وقد يكون هذا الغير محقا فنحن عندما نعتنق مذهبا معينا او ندافع عن فكرة او تقودنا استنتاجنا في حيز ما نبحث عنه الى فهم معين ربما يكون غيرنا موفقا في الوصول الى صلب الحقيقة والمغزى منها اكثر منا واشد التصاقا بها ولبيان المراد من هذا الايضاح فهو ما نشر عبر جريدة الاتحاد الاماراتية للاستاذ رشيد الخيون تحت عنوان ((الحسين... مع إيقاف التدهور في الوعي!)) وبالمناسبة فاني احاول وبحسب فهمي للامر ان اتجرد عن كل ما يحول بيني وبين الحقيقة منطلقا في ذلك من امانة علمية تفرضها متطلبات النقاش والحوار للوصول الى الهدف بلا لف ودوران لكي اراها ناصعة جلية وقد يراها هو من زاوية اخرى لكن قد نختلف في تطبيقاتها ومصاديقها واجزم ان الكثير من النخب الثقافية والاجتماعية حتى من الشيعة الامامية ترى في اغلب الممارسات الحسينية تخلفا وابتعادا عن العصرنة وانغلاقا على الذات وهي ليست كذلك بكل تأكيد واعتقد اننا بدل ان نهاجم لابد ان نقوم بدورنا في نشر الوعي الذي ندعي بحثنا عنه وقد يكون ذلك ممكنا عبر التنزل قليلا وفهم الواقع, فكل مظاهر التخلف الاجتماعي عموما ناشئة من ابتعاد النخب وطرحها السلبي وتعديها على الوعي الجماعي للناس الذي قد يوصف بانه قاصر فهل سنبقى في دائرة الفعل ورد الفعل ام ننتهج اسلوبا كالذي يعبر عنه القرآن الكريم وجادلهم بالتي هي احسن .. ان ما سيق من افكار في المقال المذكور ليس كل الحقيقة وقد يكون قفزا عليها فالحديث بالعموميات واجتزاء المواقف للتعبير عن واقع ما ومحاولة تحميل تبعاته لجهة او جماعة يعد تجنيا على الحقيقة كما ان ايراد الشواذ من اقول بعض العلماء ليس بالضرورة هو الحقيقة الناصعة وكلنا يعرف ان العديد من المواقف التي تصدر يسبقها في الاغلب كلمة (ربما) او تنتهي بعبارة (والله العالم) وهو تنزيه ضمني للعالم من الخطأ العمدي وقصدية التضليل واذا اخذنا بهذا القياس الذي يتحدث به من يريد تمرير افكاره فقد تكون كل الحقائق حتى الكونية منها والتي نتحدث عنها اليوم ونتبناها في مهب الريح بناءا على هذا الفهم للامور. ولعل الاستشهاد بقول الاستاذ الشهيد مطهري وحتى اراء السيد محسن الامين العاملي يندرج ضمن هذا الباب, اما ان نختلف حول ممارسة وينعت بعضا البعض بالكذاب او المتحامل او عدو الحسين فهذه نكاية بمجتمع محب للحقيقة يقبل التنوع ويتفاعل معه والشيعة الامامية الذين تزدهر مجتمعاتهم اوقات السلم اكثر من اوقات الضغط والحروب والتهميش ليسوا الا اناسا مسالمين محبين يعيش اغلبهم في مجتمعات مختلطة و الاستاذ الخيون يعرفهم اكثر من غيره وان تجنى البعض وقال ذلك فاعتقد انه سيفهم يوما ما ان التفاعل مع من ينتقدون بعض المظاهر والممارسات لايزيد هذه القضية الا تألقا وما احاديث المبطلين او الدجالين والشتامين للحسين الا دافع اضافي لتأصيل هذه القضية في وجدان اتباعها وقد يكون تسليط الاستاذ الخيون الاضواء على بعض المجتزءات والاراء واقحامه لمتبنياته الفكرية في اطارالقضية الحسينية ومقارناته اشخاصا باخرين نظرة الناس اليهم مختلفة ومنقسمة احيانا ليس الا تفاعلا معها باعتبارها المثال الفريد الذي لايتكرر بسهولة على مر العصور . فهذا الحدث التأريخي الذي يتعدى حدود كونه تأريخا عندنا يتفاعل معه الجميع وهم بهذا التفاعل القسري في اغلب الاحيان يقولون هاكم تمسكوا به وعوه جيدا وان كان اكثرهم ينظر اليه من زاويته الخاصة ويحاول الاستفادة منه لاغراض مختلفة منها استغلاله للتسقيط والتسفيه وبيان الغلبة لكننا في الحقيقة المستفيد الاكبر من كل ذلك التفاعل في الاستفادة والبحث الدقي عن الحقيقة وتجلياتها .واجزم انه لا حقيقة انصع من ان نعرف الطريق للسير على نهج الحسين عليه السلام الذي لم يكمم الافواه ولم يتعدى على حرمة ولم يرمي الاخرين بسهام العداوة لذلك فهو كما كان وسيبقى مدرسة لكل الاحرار ومنبعا صافيا للحقيقة التي يبحث عنها الجميع ليشكل الوعي الذي يطالب بحضوره الاستاذ رشيد الخيون في ممارساتنا .
https://telegram.me/buratha