القاضي منير حداد
ظهر رجال دين، منصفون، من أهل السنة، على المعتصمين حاليا في محافظات الانبار والموصل وديالى وكركوك، يوصونهم بحسن التصرف، انطلاقا من وعي بالمطالب؛ كي لا تتشتت ارادة المتظاهرين في طروحات طائفية جوفاء، تقصي المرامي عن اهدافها، موضحين بان المشكلة، قائمة بين الشعب العراقي، بكامل الوان طيفه، والمفسدين الذين يحجبون الخدمات ويضيعون حقوق الناس بالرفاه والعيش الكريم، داخل وطن يتوفر على عناصر الرفاه والعيش الكريم، مؤكدين ان المشكلة ليست بين طائفة وأخرى.واوضح العقلاء، بأن المفسدين يوظفون فكرة التشيع، لمصلحة مجموعة من النفعيين الادعياء، وان هؤلاء لم يخدموا شيعيا فردا ولا محافظة شيعية المجموع.اصحاب الرأي السني العام، حرصوا طوال الاعتصامات على طمأنة الشيعة؛ بان الصورة واضحة، والمظلومية تشمل الشيعة، اكثر من السنة؛ فمحافظات النجف وكربلاء، لو خرجت من المحيط السياحي حول الاضرحة المقدسة؛ لوجدت بؤسا يفوق البؤس المتوارث في العمارة والبصرة والناصرية، منذ عهد الطاغية المقبور صدام حسين، وما زال بل ازداد، في العهد الشيعي الذي يدعون.ما يدل على ان المثل القائل بـ "إنك لن تخدع كل الناس طوال الوقت" حق في العراق كاشفا الادعياء، الذين قمصوا المذاهب ثوبا، بحمد الله لم تلاص في خلعه، انما.. مع مرور عقد من السنوات، أدرك الجميع.. سنة وشيعة، ان ليس في النية بدء مشروع تأسيس دولة؛ لذا وعى الشعب العراقي، انهم يستخدمون اسم (الشيعة) من دون ان يعملوا بمعنى الاسم، والارهابيون يستخدمون اسم (السنة) من دون ان يلتزموا سنة محمد وخلفائه الراشدين والأئمة الاطهار من علماء الأمة الاسلامية.ما حث الطرفين على طمأنة بعضهما، الى ان الخدعة انكشف، وانحسر غطاء الفذلكة اللغوية عنها؛ فقد صلى سماحة السيد مقتدى الصدر بالسنة الجمعة الماضية، واصغينا لعذوبة حديث الشيخ عبد الملك السعدي وسواه من أئمة أهل السنة، ومثقفيهم، وهم يؤكدون على ان ثمة من يدعون التشيع، كي يجروا الشيعة الى جريرتهم، مثلما الارهابيون يمررون شغفهم بالجرائم، على انه جزء من طقوس وأداءات سنية.كلاهما.. المذهب الجعفري والمذاهب السنية، براء مما يستخدمهما فيه الادعياء، واقول ذلك عطفاً على البناء اللغوي لمفردتي (استخدام) نظير (استعمال).فالمجرمون الدستوريون، نظراء متناغمون مع الاهابيين الخارجين على الدستور، اذ طحن العراق بين فكي ارهاب رسمي وارهاب المعارضة، يستخدمان البعد الطائفي بمعنى الخدمة لغويا، من دون ان يستعملاه، فالعمل تفعيل اجرائي، والاستخدام تسطيح ادائي يهمش المعنى العميق للمعطى، لكنه يورطه في تبعات ما آل اليه.خلاصة القول، سقطت ذريعة الطائفية، فالزمهم الشعب الحجة، في ان (يلعبون غيرها) ولم يبق، بعد عشر سنوات من الأهمال، والعناية الحصرية بمجموعة من البراغماتيين (النفعيون) يهدرون اموال البلد ويستحوذون على ثروات الشعب وتسفحون دم الناس وعرض الشعب، الا العمل بجد والبدء بتأسيس دولة، والكف عن لعبة تشتيت مراكز القوى، التي تتظاهر بالتناحر، متوافقة على مبدأ (شيلني وشيلك) لتحقيق مكاسب مالية ووجاهية تقويهم وتضعف العراق، مثلما فعل الطاغية المقبور.منذ عشر سنوات يتقاضى السياسيون العراقيون رواتب ومميزات مالية خرافية، فائقة، لم تروِ شهوة المال لديهم، يخادعون الشعب باوراق متنوعة ابلغها تأثيرا الطائفية، وها هو الشعب، بوعيه الفائق يحرقها دونهم.ولأنهم لا يعرفون كيف يعملون جديا في ادارة دولة مثالية، بامكانات العراق وثرائه وعقوله المتفوقة؛ فلم يبق لهم خيارا سوى التنحي، وليتهم يستعجلون؛ فقد إبطأوا عجلة التنمية حتى صارت (سالفتنا سالفة).عملا بالآية الكريمة: "فليقل خيرا او فليصمت" متحلين بشجاعة العلماء في فضيلة التراجع عن الخطأ والاعتراف بالقصور؛ درءاً لعقاب الله والشعب الذي وعى الخدعة منتشلا غُلاتَه من وهم الطائفية.
https://telegram.me/buratha