زيد الحلو
عندما ينتهي تقويم السنة الميلادية ونعلق تقويماً لسنة جديدة من غير ان يتغير فينا شيء سوى ان الأمال تكبر والتطلعات تتسع والواقع يضيق ويتراجع وقطار العالم ينطلق على سكة التطور والرقي وقطارنا ثابت لا يتزحزح. ونرى عواصم لدول تتوهج بكل ما يفرح نفوس أبنائها واذا ببغداد منكسرة غارقة بظلام التخلف ويضربها طوفان الفساد وينهشها المصالح الضيقة والمحاصصة المقيتة , عشر سنوات مرت على احلامنا فلم نجني منها سوى الكوابيس .مثلث الارهاب والفساد وغياب الخدمات ويضاف له التفرد بالسلطة هي اكثر الكلمات المتداولة في الواقع العراقي العام وهذا مايؤكده الساسة والمثقفين وعموم المواطنين . فكل يوم كنا نسمع بعملية ارهابية من هنا وهناك تودي بحياة المواطنين الأبرياء وفي كل يوم تتجلى ظاهرة الفساد وتبرز ارقام ومعطيات جديدة . ويتخذ الفساد الاداري والمالي صور واشكالاً مختلفة والكثير منها يحظى بغطاء رسمي عبر أشخاص ومؤسسات حكومية وأرقام الفساد في بعض الاحيان تكون مرعبة وهذا يؤدي طبيعياً ومتوقعا الى تدني او غياب الخدمات الاساسية كالكهرباء والماء الصالح للشرب وشبكات الصرف الصحي والطرق وغيرها. ومثلث الارهاب والفساد وغياب الخدمات كل عنصر فيه يكمل الآخر ويساعده في تعزيزه وتقويته ولا سيما في ظل غياب الحلول والمعالجات الحقيقية والجذرية الجادة . وقد كان عام 2012 عاما مختلف كونه الأول بعد مايسمى خروج القوات الامريكية الا انه عام العسرة وتزاحم الازمات بدأ بأخفاقات ما بعد تشكيل الحكومة وانتهى بغرق العاصمة بغداد وانهيار بيوت الطين والصفيح على رؤوس الفقراء . وهناك ملامح نجاح للمشهد الدبلوماسي في العراق تمثل يأستضافة العاصمة بغداد للقمة العربية وكذلك مؤتمر (5+1) الخاص بالملف النووي الايراني . ولعل اهم ماتميزت به العملية السياسية للعام المنصرم هي كثرت المشاكل وتطورها الى أزمات وطريقة التعامل مع الازمة من قبل اطرافها تؤشر الى اختزال البلد بما فيه بشخوص الازمة وتسخير الثروات والأرواح بطريقة عجيبة لتصبح ادوات تدار بها العملية والثاني هو غياب اي اهتمام بشرائح الشعب الذي يجب ان يضمنه النظام الديمقراطي وهذا يقودنا الى استنتاج خطير هو ان هؤلاء لايمكنهم ترسيخ الديمقراطية لأنهم لا يؤمنون بها . وكما اتسم عام 2012 بأتساع الهوة بين اقليم كردستان وحكومة المركز في بغداد والتهديد بانفصال القليم وقبل ذلك من احداث قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ولجوؤه الى الأقليم قبل هروبه خارج العراق وما رافقه ذلك من تصريحات واتهامات وتصعيد للأزمة مع الاقليم , وبعد ذلك قضية محافظ البنك المركزي والغموض في القضية وقرار ألغاء البطاقة التموينية ثم صفقة الاسلحة الروسية المشبوهة وانتهت الآن باعتقال حماية وزير المالية رافع العيساوي وما رافقتها من تظاهرات التي لم تخلو من تدخلات دول الجوار . وهذا التدهور في المسار السياسي به اكتملت خيبة العراقيين وانهارت ثقتهم بالحكومة وفيه يئس العراقيون ونفضوا أيديهم من سياسيهم , حتى ان احد المواطنين وفي مقابلة مع احى الفضائيات شاهدته قال (هو احنا شنريد من الحكومة تنطينا أشوية من حقوقنا وتأخذ البلد إفلاحة إملاجة ). والمضحك في الامر يطلع علينا احد ال(المتسيسين الجدد) ليقول ان الخلافات والاختلافات والازمات هي من مظاهر الديمقراطية!! تلك الازمات التي زادت حدتها على العراقيين وهم فقط من يدفع الثمن والمثير في الامر ان (الديمقراطية الجديدة ) لم تنجب لنا سياسيا او مسؤولا يخرج الى الملأ ويعترف بشجاعة بأنه سبب هذه الازمة او تلك ويستقيل من منصبه طوعياً كما يحدث في بلدان الله الاخرى ويضع نفسه تحت تصرف القضاء ؟؟. لكن ذلك العام لم يخلو من الوطنيين وبشاهدة الجميع فان للسيد عمار الحكيم دورا مهما في تلك المرحلة الحرجة من خلال مساعيه في حل الكثير من الازمات والمشاكل واهمها منع عملية سحب الثقة التي روج لها في تلك المرحلة لما لها من مخاطر على البلد وكذلك تقريب وجهات النظر بين الحكومة والاقليم . اضافة الى شعوره بحاجة الوضع الى مبادرات تنهض بالبلد وتنقذ الشعب من الواقع المرير الذي يعيشه فجاءت مبادراته التي اطلقها في الوقت المناسب على الرغم من عدم الاهتمام والتفاعل من قبل الحكومة لكنها لم تحبط من عزمه فأطلق مبادرة( البصرة عاصمة العراق الاقتصادية) والذي جاءت نصرة لأهالي البصرة والمحافظات الجنوبية ثم جاءت مبادرة( تأهيل وتطوير محافظة ميسان) ومبادرة (الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة) وكان للطفولة حظ من اهتمام السيد فكانت مبادرة (النهوض بواقع الطفولة في العراق ) واخيرا وليس اخراً تفعيل مبادرة عزيز العراق (قدس) الخاصة بمناهضة العنف ضد المرأة بالأضافة الى المبادرات التي اخذت طريقها الى التصويت النيابي والاقرار ومنها منحة الطلبة بتخصيص مبالغ مالية للطلبة في كافة المراحل للتخفيف عن كاهل أسرهم وبالتالي تحقيق مستويات علمية تساهم في بناء البلاد وعمرانها لكنها ايضا لم تنفذ من قبل الوزاراة المعنية بزعمها لم تخصص لها المبالغ الكافية !؟ ومن قبلها البترودولار التي انعشت وبمقدار معين المحافظات المنتجة للنفط وقانون التقاعد الموحد للأهتمام بشريحة كبيرة ومهمة من شرائح المجتمع عانت كثيرا وتعاني الظروف القاسية. فكل هذه المبادرات مجتمعة اعطت للشعب المظلوم أملاً في هذا العام المنصرم والقادم المجهول لتعويضه عن سنوات الحرمان والتهميش في ظل امتلاك البلاد ثروات هائلة وتخصيص موازنات انفجارية يمكن من خلالها تحقيق طفرات نوعية في حياة المواطن والبلاد , هذا الامر الذي لا يتحقق الا بوجود اصوات وطنية تدعو وتطالب وتشرع وتفعل وتقر الحقوق تحت قبة البرلمان . وان يكون الشعب قد استفاد من تجاربه القاسية وتعلم كيف يختار من يمثله داخل قبة البرلمان او داخل مجلس المحافظة ونحن قريبون من عرس انتخابي آخر وهو انتخاب اعضاء مجالس المحافظات.
https://telegram.me/buratha