خلال السنتين المنقضيتين كان قطار الأحداث في محيطنا الأقليمي، يسير متسارعا على محورين أساسيين يشكلان سكتيه التي لم يخرج عنهما...الأول هو إستخدام النماذج الحاكمة القائمة كحافظات نقود مفتوحة دوما للإنفاق على عملية تدمير بعضها البعض، لتفنى في نهاية المطاف جميعها..!
والثاني هو طرح النموذج التركي كنموذج للحكم ليس لأنه الأفضل والأنسب لشعوب المنطقة، ولكنه الأنسب والأفضل لتحقيق مصالح الولايات المتحدة والدول الاوروبية، راعيتي الترويج للنموذج التركي وعملية التغيير سواء بسواء..!
فيما يخص السكة الأولى من المسار، كان المعدن المستخدم في صناعة السكة، بعيد تماما عن أن يكون من سنخ عملية التغيير الديمقراطي، فالسعودية وقطر والإخوان المسلمين لا يحملون من العقيدة الديمقراطية وتوصيفاتها ألف أو باء، والسعودية وقطر من أنظمة البدوقراطية إن صح التعبير، وهي أنظمة باتت خارج نطاق الحتمية التاريخية منذ أمد بعيد، ولم تصمد على العيش إلا بـ "فلوسها"، ولولاها ولولا فسحة الرخاء النسبي لبعض قطاعات شعوبها، لمحيت من خارطة الوجود منذ ذلك الأمد..
فسحة الرخاء هذه تراجعت في السنوات الأخيرة الى حد كبير، والفقر والتنافر الأجتماعي في السعودية بات ملمحا سائدا، ناهيك عن طائفية النظام الحاكم. في قطر الصورة مختلفة بعض الشيء، الأموال كثيرة، لكن النظام يتهدم من داخله، لأن البيت القطري الحاكم مبني على عقيدة التآمر العائلي، ناهيك عن أن إيران المجاورة بنظامها الإسلامي، لا يرضيها أن يكون وجود فقاعة بحجم دويلة قطر كمصدر للقلق في خاصرتها الجنوبية، سيما أن هذه الخاصرة ممر تصدير نفطها..
العنصر الثالث من عناصر توليفة معدن السكة، وأعني به الأخوان المسلمين، نموذج ظلامي لا يحمل مشروعا "مدنيا" يتلائم مع معايير الجهات الراعية لعملية التغيير: الولايات المتحدة والدول الأوروبية..
فيما يتعلق بالسكة الثانية، أي النموذج التركي للحكم ، فأنه نموذج ناقص لا يمكن السير على خطاه، وهو وإن خرج من رحم العلمانية التركية التي يرعاها الجيش ويحرسها، وهي مفارقة تقتضي التأمل بمعنى أن يحرس الجيش العلمانية، لكن هذه العلمانية لا تعترف بحقوق قومية وثقافية لـأكثر من 10 ملايين كردي يشكلون نسبة كبيرة من سكانها..ناهيك عن أن السيد اردوغان القريب جدا من أطروحة الأخوان المسلمين الإقصائية، يحتفظ بمفارقة عجيبة بعلاقات واسعة مع الكيان الأسرائيلي الغاصب لفلسطين، وهو راع طائفي وليس ديمقراطي للتحركات الأحتجاجية في سوريا والعراق أيضا..!
وكما ترون فأن أدوات التغيير متناقضة مع تطلعات شعوب المنطقة التواقة للتغيير، وهي تعي هذه الحقائق جيدا، ولذلك فإن قطار التغيير سيخرج حتما عن السكة الأمريكية، وسيركب سكة تختارها الشعوب ...
كلام قبل السلام: نسينا أن نذكرم أن الأخوان المسلمين نحوا جانبا من أدبياتهم في هذه المرحلة قضية فلسطين..وهو المطلوب...!
سلام...
https://telegram.me/buratha