منذ نيسان 2003 ولغاية اليوم أنجزنا الكثير... بالحقيقة أنجزنا ما تنجزه شعوب أخرى بعقود وليس بعقد واحد من السنين لم يكتمل بعد!.. فقد أمضينا تاريخنا الممتد سحيقا في أعماق البشرية بلا إطار عام ينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ، وفيما خلا شرعة طيب الذكر حمورابي ، وعهد أمير المؤمنين علي عليه السلام لعامله مالك الأشتر، ليس لدينا نصوص نبني الدولة بموجبها، و تاريخنا يحكي قصصا مهولة لاستبداد الحكام.. من نبوخذ نصر الى صدام حسين، وبينهما كثير: يزيد بن معاوية، ولاة "خلفاء" بني أمية، منظومة حكم بني العباس الفاجرة، دول السلاطين البويهيين والسلاجقة والخروف الأبيض والخروف ألأسود، وتميورلنك والمماليك والعثمانيين وفرماناتهم العجيبة، والإنكشارية والاحتلال الإنكليزي والعهد الملكي والحكم الجمهوري بجمهورياته الأربعة، كلها أنظمة حكم كانت تسير بإرادة الحكام وليس بإرادة الشعب، لقد كانت لدينا طوال كل هذا التاريخ أنظمة حكم وليس دولا..!...
بعيد نيسان 2003 فتحنا دفترا جديدا ودونا فيه ما لم نكن قادرين على تدونه على مر كل تاريخنا، فقد تواضعنا على أسس لإنشاء دولة وليس نظام حكم، وكان ذلك لأول مرة، وقدمنا نموذجا أخاذاَ، مع أننا غير راضين عنه تمام الرضا، فقد كتبناه على عجل، وكنا نعرف ذلك، لكن للضرورة أحكام، وخضعنا لتلك الضرورات الضاغطة ونحن نعد أنفسنا بإصلاح أخطائنا، لكن مع ذلك، ومع وجود النواقص والمثالب فيما كتبناه في دفترنا من أسس لبناء الدولة، فإن هذا الدفتر صالح في هذه المرحلة لأن نعبرها لأحتواءه على حد أدنى معقول ومقبول من المشتركات بين مكونات شعبنا...!
ومع امتلاكنا دفتر قواعد دائم أسميناه دستورا، بقينا نركب سيارات بلوحات مؤقتة ..! لقد عجزنا أو أعجزنا بالحقيقة عن أن نرتب أوضاع سياراتنا في دفاتر دائمة، ليس لأننا غير قادرين على فتح مثل هذا الدفتر، لكن لأن الذي يمسك بهذا الدفتر ولطقس يكتنفه ضباب كثيف، أمتنع وراوغ وعطل وأخر إنجاز هذا الدفتر...وها هي عشر سنين تنقضي ونحن نتجول بسيارات بلوحات مؤقتة( منافيست)...
أحزابنا أيضا لا تمتلك رخص تأسيس ، فها نحن نوشك أن ندخل في الممارسة الانتخابية السادسة بأحزاب ما زالت تعمل بلا ضوابط قانونية تنظم عملها وعلاقتها بالدولة والمواطن وأعضائها...ولأن الأمر كذلك تكاثرت علينا أحزاب المنافيست وساسة المنافيست مثل سيارات المنافيست...!
كلام قبل السلام: في الانتخابات النيابية السابقة تبارى 450 كيان سياسي شتتت الأصوات فأنتجت برلمان خائب..! في الانتخابات المحلية القادة قالت مفوضية الانتخابات أن أكثر من 130 كيان سياسي قدم مرشحين يربو عددهم على بضعة آلاف مرشح، وستكون النتيجة منافيست في كل الأحوال...!
سلام...
https://telegram.me/buratha