المقالات

الرسول محمد (صلى الله عليه واله ) واللحظات الاخيرة

872 00:20:00 2013-01-10

رحيم حبب الطائي

بعد ان اتم النبي (ص) مناسك الحج في حجة الوداع وبين للمسلمين السبل التي تعصم المجتمع الإسلامي من الضلال، من خلال التمسك بالقران الكريم والعترة من اهل بيته، وبتعبير ادق نصب عليهم من بعده الامام علي بن ابي طالب(ع) خليفة للمسلمين والذي على اثره نزلت آية إكمال الدين قال تعالى:(( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)) .لم يطل المقام في المدينة المنورة حتى قام النبي (ص) بتجهيز جيش الى جهة الروم وفيه كبار الصحابة ، كأمثال ابي بكر وعمر وابي عبيدة الجراح وسعد بن ابي وقاص وغيرهم ، وأمّر عليهم اسامة بن زيد وقال له :(( سر الى موضع مقتل ابيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش...))فلما أصبح يوم الخميس عقد الرسول(ص) اللواء وأعطاه الى أسامة وقال له(ص) :(( اغز بسم الله وفي سبيل الله وقاتل من كفر بالله )) ، ولم يبق احد من وجوه الصحابة الا انتدب في تلك الغزوة وخرج اسامة فعسكر بالجرف على بعد ميلين عن المدينةويبدو ان بعض الصحابة لم يرق لهم ان يكونوا تحت إمرة أسامة بن زيد ، فلما سمع بذلك النبي (ص) غضب غضبا شديدا، فقام فيهم خطيبا على ما به من شدة المرض وقال بعد ان حمد الله واثنى عليه : (( ايها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري اسامة ولئن طعنتم في إمارتي اسامة ، فقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وايم الله ان كان للإمارة خليقا وان ابنه من بعده لخليق للإمارة...))ونستنتج من ذلك ان صغر السن لم يكن مانعا من تنصيب احد لمنصب ما، اذا ما توفرت فيه مواصفات الكفاءة والقيادة الحكيمة، والا لكان من القبح- وحاشا لرسول الله- ان ينصب اسامة اميرا وفي الجيش من هو خيرٌ وأكفأ منه.والظاهر من مرويات المؤرخين والمحدثين ان الرسول(ص) كان مصرا على نفاذ جيش أسامة ، الأمر الذي جعل النبي (ص)، ان يلعن من تخلف عنه، وهذا امر- اللعن - لم نعهده منه(ص) في غزواته وسراياه .فقد اورد الشهرستاني في الملل والنحل ان النبي( ص) قال:(( جهزوا جيش اسامة، لعن الله من تخلف عنه))والسؤال الذي يتبادر الى الأذهان ما الدافع الذي جعل الرسول(ص)ان يشدد على نفاذ جيش اسامة بمعية كبار الصحابة ؟يبدو ان الرسول(ص) كان مدركا لطبيعة المجتمع المدني من الأنصار والمهاجرين وتركيبتهم النفسية، اذ انهم سوف يختلفون في امر الخلافة بعد وفاته(ص)، وهذا ما حصل بالفعل في سقيفة بني ساعدة، فأراد الرسول(ص) دفع هذا الخلاف بنفاذ جيش اسامة بمعية الصحابة بعد ان علم ان وفاته قد قربت وبالتالي يحصل على :1- ابعاد المعارضة الداخلية التي تروم التسلق الى دفة الخلافة والذين يعدون عامل خطر لشق وحدة الصف الإسلامي .2- تهيئة الأجواء لتسنم الإمام علي(ع) مقاليد الخلافة من بعده، تحقيقا لما الزم به المسلمين يوم غدير خم .وبعدم نفاذ جيش اسامة حال دون ذلك ، وبالتالي اتخذ النبي (ص) اتجاها اخر لعصمة الأمة الإسلامية من الانهيار والاختلاف، ودعا بلوح ودواة حتى يحرر كتابا لن يضلوا بعده ابدا.فقد ذكر البخاري بسنده عن ابن عباس قال:(( لما حضر النبي (ص) قال: وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال :هلم اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ، قال عمر: ان النبي(ص) غلبه الوجع وعندكم القران فحسبنا كتاب الله، واختلف اهل البيت واختصموا فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله(ص) كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما اكثروا اللغط والاختلاف عند النبي(ص) ، قال : قوموا عني)) .وجاء في بعض المرويات : فقيل له : الا نأتيك بما طلبت ؟ قال (ص) : او بعد ماذا ؟ قال : فلم يدع به )) .وجاء الحديث في بعض مروياته بنفس المضمون الا ان القائل قال:(( ان نبي الله ليهجر)) او (( ان رسول الله ليهجر)) .ولم يذكروا اسم الرجل مداراة لشعوره وشخصيته على حساب شخص الرسول الخاتم (ص)، ولكن البخاري ذكره كما في المروية الأنفة وغير عبارة : (( ان النبي ليهجر )) الى(غلبه الوجع) اعترافا منه ان العبارة لا تليق بمقام الرسول الأعظم (ص) .وكان ابن عباس عندما يذكر الحادثة يبكي ألما وحسرةً وأسماها بالرزية (المصيبة) فأورد احمد بن حنبل بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : (( يوم الخميس وما يوم الخميسثم نظرت الى دموعه على خديه تحدر كأنها نظام االلؤلؤ ...))وذكر البخاري ان القوم لما اختلفوا في حضرة الرسول(ص) خرج ابن عباس وهو يقول:(( ان الرزيئة كل الرزيئة ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كتابه))ويمكن ان نستنتج مما تقدم :1- ان النبي (ص) لما رأى حالة التقاعس وعصيان امره في نفاذ جيش اسامة ، وكان مدركا لحالة الاختلاف التي ستحصل بعد وفاته(ص)، استدعى بلوح ودواة ليحرر لهم كتابا لن يضلوا من بعده ابدا، ويعد تأكيدا لما الزم به المسلمين يوم غدير خم .2- لحصول حالة الاختلاف واللغط في حضرة الرسول(ص) بل وباتهامه بالهجر او غلبة الوجع عليه ، وكلا المعنيين يؤديان الى المضمون ذاته ، أي ان النبي لا يدري ما يقول- وحاشاه ان يكون كذلك- قام بطردهم عن حضرته المقدسة.ويستشعر ان الرسول (ص) لم يحرر الكتاب لانه ايقن ان القوم لن يمتثلوا لما فيه، فيؤدي ذلك الى شق وحدة الصف الإسلامي ، ويفهم هذا المعنى عندما قالوا له (ص):(( الا نأتيك بما طلبت ؟ فقال لهم : او بعد ماذا ؟...)) ، أي بعد ان اختلفتم فيما بينكم وشككتم بما اقول حتى آل الأمرالى ان تتهموني بالهجر او غلبة الوجع وانتم في حضرتي، اذا فماذا تقولون بعد مماتي؟.وعلى هذا هناك سؤال يطرح نفسه، ماذا اراد الرسول(ص) ان يحرر في كتابه ؟ويمكن ان نعرف الاجابة من عمر بن الخطاب ( رض ) عندما تحاور مع ابن عباس وهما في المسجد، قال له عمر بن الخطاب:(... ولقد اراد في مرضه-أي رسول الله(ص)- ان يصرح باسمه فمنعت...)) .فهذا النص التاريخي فيه تصريح واضح من عمر بن الخطاب بان النبي (ص) ، اراد ان يكتب عهدا لمن يخلفه وهو الإمام علي بن ابي طالب(ع) .ويمكن معرفة الجواب أيضا بالمقارنة بين حديث الثقلين، وبين حديث رزية يوم الخميس من خلال الأتي :1- ان غاية الحديثين واحدة وهي: إبعاد الأمة الإسلامية عن قانون الضلال.2- اوضح الحديث الأول( حديث الثقلين) السبيل التي يحفظ الأمة الإسلامية من الضلال وذلك من خلال التمسك بكتاب الله والعترة (( اني قد خلفت فيكم ماأن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وعترتي اهل بيتي ...)3- يكون المحتوى الذي اراد الرسول(ص) ان يكتبه في حديث رزية يوم الخميس هو نفس المضمون الذي كان يحويه حديث الثقلين لان غايتهما واحدة، ولما كان كتاب الله معلوما للقوم بدليل قول القائل ( حسبنا كتاب الله) ، فلم يبق الا ان يكتب الثقل الثاني وهو العترة الذي كان اولهم علي بن ابي طالب(ع)، ولما علم القوم بذلك حصل الاختلاف واللغط ومنع النبي(ص) من الكتابة، وهذا ما أشار اليه عمر بن الخطاب:(... ولقد اراد في مرضه ان يصرح باسمه فمنعت)ورحل النبي(ص) وقلبه يعتصر الما وحرقة على أمته ،لان الأحداث والأمور جرت على غير ما يريد(ص) فقد أراد من الأمة ان تتمسك بالثقلين كتاب الله وعترته من بعده، واراد ان يلزم الأمة الأسلامية بما لزمهم به من قبل في يوم غدير خم، بعهد قاطع جازم مكتوب ، يحفظ الأمة الإسلامية من الاختلاف والافتراق، الا ان القوم عارضوا ذلك، لتظل الأمة عرضة للامتحان في مثل هذه القضية الخطيرة، وكما جرت السنن الإلهية في المجتمعات البشرية التي سبقتهم ، قال تعالى:(( الم .أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ))

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك