صالح المحّنه
كان من الممكن أن تكون تظاهرات المواطنين في الأنبار ونينوى وصلاح الدين ، وتظاهرات رد الفعل في محافظات العراق الأخرى في الوسط والجنوب، تظاهرات عراقية موّحدة لو أبتعدت عن الشعارات الطائفية والأستفزازية ، وطالبت بتحسين الوضع العام للمواطن العراقي ، ونبذ الأرهاب ، ومحاربة الفساد والفاسدين ، والنقد المباشر لمجلس النواب لأخفاقه في أداء مهمته التي أوكلها إليه الشعب، ونقد الحكومة العراقية بكافة أعضاءها لعدم نهوضها بمسؤوليتها تجاه مواطنيها، وكل ذلك مكفولٌ دستورياً ، كان من الممكن أن تكون تظاهرات تجمع بين أبناء الشعب العراقي ، لا أن تكون تظاهرات معارضة ، واخرى موالية ، كم كان جميلاً لو نادى إبن الأنبار وابن الموصل بإنصاف المظلومين والمتضررين من ظلم النظام السابق أو ما تعرض له الأبرياء من جراء إرهاب مابعد 2003، ويثبتوا بذلك صدق وطنيتهم وإخلاصهم لهذا البلد ، من يجرأ على إنتقاد المتظاهرين لو توحّدت شعاراتهم في البصرة والموصل مطالبين بمحاسبة المقصرين في خدمة ابناء وطنهم ؟ وهل كان للسياسي مكان بينهم ؟ أو ترفع صوره فوق رؤوسهم ؟ ولكن للأسف الشديد ، سقط المتظاهرون في شباك أولئك السياسيين ألأنتهازيين، ودجل رجال الدين المتطرفين ، فحالوا بينهم وبين تلك الأهداف السامية ، وركنوا بكل جهل الى دعواتهم الفاسدة ، فاشاعوا بينهم النفس الطائفي المقيت الذي يتعدى على وجود المكونات الأخرى ، مستغلين سذاجة وبساطة الأغلبية الشعبية ، فالسياسي الفاشل الذي فشل في تنفيذ وعوده الى الذين إنتخبوه ، إضافة الى تورطه في صفقات الأختلاس المالي والأرهاب ، ورجل الدين المتطرف الذي اثقلت كاهله روايات أسلافه، والتي تدعوه الى محاربة المخالفين والرافضين وإعلان الجهاد ضدّهم ، كلاهما وجدَ ضالّته في هذه التجمعات البشرية المنفعلة التي تسوقها العاطفة العمياء ، ليتنصّل السياسي عن أخفاقه وفشله وفساده ، ويلقي باللوم على غيره ويبرر فشله بسبب ألآخر الذي همّشه لإنتمائه الطائفي ، وهو محض إفتراء ، لأنهم شركاء بالتقسيم والمحاصصة الطائفية ، أما رجال الدين الذين تكاثروا كالأرانب بعد 2003 فقد وجدوها فرصةً ذهبية لتسويق أفكار أسلافهم ، ليؤدوا من خلالها رسالتهم التي طال إنتظارها ، وهي حزمة من الفتاوى التي لاتبقي ولاتذر، كفتوى ذلك الشيخ السفيه الذي يحرّم دخول عبد الزهرة الى الأنبار ، وكأنّ إبن الأنبار لايعرف عبد الزهرة ، ولم يكن معه في ملجأ واحد ٍ في جبهات القتال ، أو على مقاعد الدراسة في الجامعات والمعاهد ، أو في دائرة واحدة ، ولكن وجدوها فرصة لتسويق موروثهم العقدي لتفريق الأمة وإركاسها في وحل الطائفية ، بهذه العناوين الطائفية المغرضة ، والسياسية أُستغلّت تظاهرات الشعب العراقي اسوأ إستغلال ، من قبل الذين إحتموا بالطائفة ، ليرفعوا أسهم رصيدهم الشعبي الذي تراجع وتدانى الى الصفر ..بسبب إهمالهم وتقصيرهم ، ولايهمهم إذا صُبغت كراسيهم بدم الأبرياء ودموع الفقراء...
https://telegram.me/buratha