عباس المرياني
تمثل ذكرى استشهاد نبي الاسلام والرحمة محمد صلى الله عليه واله وسلم هذه الأيام حدثا مؤلما وجرحا غائرا في عمق الزمن يحاكي تلك الايام السوداء التي انتقل فيها رسول الله الى جوار به وهو يعلم ان أمته لم تستوعب الدرس بكل ثقله وان عصبية العشيرة وجلافة الصحراء لا زالت تمثل التحدي الأكبر لرسالته السماوية وان خطر الانتقام من اهل بيته سيكون هو العنوان الأبرز بعد فترة غيابه المؤلمة رغم كل وصاياه بأهل بيته.وكان ان انقلب القوم على أعقابهم وحدث ما كان يخاف منه على أمته وعلى اهل بيته ورسالته حتى تلاقفوها كما تتلاقف الصبية الكرة وتركوا الرسول مسجى في حجرته بين أحضان الامام علي عليه السلام وحزنه وحسرته وانشغلوا يتقاسمون الارث الكبير والحمل الثقيل الذي تركه رسول الله ولم يراعوا قيم وأخلاق العرب ونخوتهم.والحزن على رسول الله محمد (ص)هو الاحزن الأكبر والألم الأعظم الذي تعيشه الامة الإسلامية لفقده وغيابه وهذا الحزن والألم يتكرر كل عام ويتجدد كلما داهمت الخطوب الأمة الإسلامية وأطيح بوجودها وكبريائها ومن يوم فقد الرسول والانقلاب على شرعية اهل بيته وحتى يومنا هذا رغم كل ما يقال ويكتب عن فتوحات وانجازات لم يبقى منها الا الأثر والذكر والقشور الا ما ركز أصوله وأسسه الرسول محمد (ص).واستذكار ايام استشهاد الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم واجب وحق على كل مسلم ومسلمة وهو يدخل من باب استذكار القيم والمعروف ورد الجميل اذا لم يكن من باب الولاء المطلق بنهج السماء وعرفانها بنعمة الإسلام ونعمة السير في خط الولاية لاهل البيت عليهم السلام ،والمنطق يحتم ان يكون الاستعداد والتهيء لهذا اليوم المحزن بقدر وعظمة صاحب الذكرى وبحجم الانجاز الذي حققه النبي الامي الأمين وان يكون العزاء خالصا لوجه الله ومواساة للرسول واهل بيته الاطهار خاصة وان هذه الايام تمثل امتداد لملحمة التاريخ التي سجلها شيعة الامام علي عليه الاسلام في ذكرى اربعينية الامام الحسين(ع)وكتبوا عناوين بارزة في سجل التاريخ كاكبر تجمع تشهده الكرة الأرضية احتضنته كربلاء الحسين(ع).ان الجميع مدعوا لاستذكار هذه الذكرى الأليمة والتعبير عنها بطريقة خالصة بعيده عن الغايات والأهداف الرخيصة بل ان من العار والشنار ان يسعى البعض لتسييس هذه المناسبة العزيزة لطرف او جهة معينة او يجيرها باتجاه هدف عابر او قضية وقتية،ويمكن اعتبار موقف المرجعية الدينية في النجف الاشرف هو المنهج الذي يجب على الجميع الاقتداء به عندما رفضت تسيس هذه المناسبة من قبل جهة سياسية خاصة وان ذكرى استشهاد نبي الرحمة يجب ان تكون منطلقا للوحدة والتفاهم والسلام لا ان تكون ممرا رخيصا لتحشيد الشارع وتازيم الموقف والشد الطائفي.ان ذكرى استشهاد الرسول محمد (ص) اعظم من كل قضية واكبر من كل الغايات والدسائس وليس مهما ان لا يكون رجال السياسة بمستوى هذه المهمة لأنهم نسوا المبادئ وانشغلوا بمصالحهم الحزبية والشخصية.
https://telegram.me/buratha