جبار التميمي
ليس اعتباطا أن ننظم إلى دول العالم الثالث أو مجموعة الدول النامية أو أن نكون في أسفل قائمة النزاهة لدول العالم أو في أعلى قائمة الدول الأكثر فسادا، وليس من المستغرب أن نكون في أعلى قائمة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان ،لانتعجب إذا كانت عاصمة بلدنا من العواصم الخطرة ،لانستغرب بأن القتل في بلدنا كثير ولا نستغرب عندما يسرق السياسيون المال العام في وضح النهار إذا كان الشعب ينتخبهم ،ولماذا الحيرة إذا كان البرلمانيون لايشرعون القوانين التيمن شانها القضاء على الفساد أو التي تلك توفر الأرضية لمناخ استثماري يزيد من فرص العمل ،فلماذا العجب من حكومة اتحادية وحكومة محلية لاتتفق مايخصص لها من مالية ضمن الموازنة العامة ،وما الداعي بالإسراع لأعمار المعامل والمصانع ولحماية المنتج الوطني من المستورد ،عندما توفرت كل هذه المواصفات لك أن تعرف انك في العراق ليس العراق شاذا عن دول العالم المتخلف في هذه الحالة حتى ضمن منظمة اليورو لوحظ أن الدول ذات الاستقرار الاقتصادي والنمو المتصاعد تأخذ كامل مستحقاتها المالية من الصندوق الأوربي لإجراء المزيد من الخدمات لمواطنيها يقابلها بقاء مبالغ مالية غير مصروفة لدول تعيش خالة فساد إداري ومالي في حين إنها تحتاج إلى خدمات اكثرمن الدول الأخرى ،هذه الظاهرة تكررت مع الحكومات العراقية المتعاقبة بعد السقوط كذلك مع الحكومات المحلية للمحافظات غير المنتظمة بإقليم فما تزال اغلب الوزارات لم تتفق لما خصص لها من مالية ضمن الموازنة العامة لكل عام وسط تزايد في عدد من الموظفين الذين لايجدون لما يقومون به من عمل سوى تنفيذ أجندات الأحزاب المهيمنة على هذه الوزارة أو تلك ، ولكن الأكثر خطورة من ذلك نجد أن السياسيين قد تركوا مواقع عملهم وتحولوا إلى مقيمين على شاشات التلفاز يكيلون التهم ويخلقون المشاكل لبعضهم أو يتسترون على بعضهم لتغطية حادثة فساد في سرقة المال العام ، وعندما يسأم العراقيون من هذه الحالة فلابد للمتنفذين من التصعيد حتى في استخدام الجيش وسيلة لتصفية النزاعات .ليس هناك في مفهوم العمل السياسي أن يلجأ شعب بمختلف فئاته وطبقاته إلى التفكير في حل مشاكل سياسية ،فالعديد من البرامج التلفزيونية تعرض الكثير من المواطنات والمواطنين ممن يطرح الأفكار والحلول لمشاكل السياسيين العراقيين ،وكأن المعادلة انقلبت فبدلا من مطالبتهم بتوفير الخدمات وخلق فرص العمل راحوا يطالبون باللجوء إلى التهدئة والجلوس على طاولة الحوار ما يعكس تراجع مشاكل المواطنين أمام مشاكل السياسيين وفي خضم انقلاب الموازين وتصاعد الحالة مع اقتراب الانتخابات يغيب عن الصورة مشهد تقديم المفسدين من جميع الأطراف إلى المحاكم فعلى الرغم من ارتفاع الأصوات المطالبة بالقصاص ممن انكشف أمرهم في الصفقات فأن مايجري من مسرحية في البرلمان والقضاء العراقي انه تحول إلى ساحة لتبرئة المفسدين فلا وزير حكم بالفساد على الرغم ماانفق على الكهرباء من أموال ،ولا وزير أو وكيل ثبتت عليه سرقة أموال الحصة التموينية على الرغم من تسرب ملياراتها من اجل مواد رديئة ونقص كبير في مكوناتها ولاحكم على احد بسبب الرشاوى في أجهزة كشف المتفجرات نعم على الرغم من محاسبة روسيا لمر تشيها في صفقة السلاح المبرمة مع العراق بتوقيع رئيس الوزراء لم نشهد لحد اليوم محاكمة أي مسؤول عراقي ،أما الملف الأمني وعلى الرغم من المشادات الكلامية في البرلمان بسبب تهريب إرهابي القاعدة من سجن البصرة وآخرين من سجن تكريت وأحداث أخرى متشابهة لم يقدم احد للمحاكمة أما الخدمات فهي تتوارى خلف زعيق (المسعولين) على شاشات التلفاز فلا تستغربوا فعلى الرغم من كل ذلك لمن نسمع بوزير قد استقال فالحكومة العراقية خرساء بعد أن فقدت ناطقها الرسمي ...
https://telegram.me/buratha