حيدر عباس النداوي
لعبت المرجعية الدينية في النجف الاشرف دورا حاسما ومؤثرا في جميع المحطات المفصلية من عمر التجربة العراقية الديمقراطية الجديدة بما يعمق وجودها ويرسخ منهجها ويقوي جذورها باتجاه ديمومتها وتقدمها نحو الامام بخطى ثابتة رغم الكثير من المعوقات والمطبات التي حاولت عرقلتها او وقف تقدمها دون ان تفكر بالتفاصيل الجزئية ودون ان تختزل التجربة لنفسها او لمكون معين تابع لها بل ترفعت عن كل المسميات واتخذت لنفسها موقف الابوة الراعية للجميع رغم انها تعلم ان الجميع لا يدين لها بالولاء ولا يقر لها بالطاعة.وموقف المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف ليس وليد المرحلة الحالية او التجربة الديمقراطية الفتية التي ظهرت بعد عام 2003 وانتهاء فترة الحكم البعثي الاجرامي الشمولي وانما هو امتداد لمواقف المرجعية على مر العصور والمنبثق عن رؤية واقعية وشرعية في تبني مواقف الشعوب ونصرة المظلومين والثورة على الظالم ،ويمكن الاستدلال بمثل هذه المواقف الخالدة للمرجعية الدينية مشاركتها لابناء الشعب العراقي في مقاومة الاحتلال والوقوف بوجه الطغاة والظلمة.والمرجعية الدينية اكبر من كل النظم السياسية التي تعاقبت على حكم العراق لان المرجعية الدينية فكر ومنهج وسلوك وعقيدة والتزام ولم تختزل المرجعية في يوم من الايام بطرف او حزب او جهة سياسية كما ان المرجعية لم تنتكس او تنذوي لان رئيسا او حاكما انتهى وتلاشى بل انها راسخة وثابتة وهي القطب والمحور الذي يدور الزمن عليه.وما يميز المرجعية الدينية ويجعلها ملجأ وملاذ للاخرين سواء كانوا من الصادقين او الكاذبين هو حلمها وسعت صدرها وتحملها للجميع دون تميز او تباهي لكنها مع ذلك لا تقر بالقبول للجميع ولا تتاخر في توضيح رايها في المواقف والمواضيع المهمة والحساسة لان التدخل وابداء المشورة والنصح من اولويات عملها وان كانت لا تتدخل في التفاصيل والجزئيات في الاعم الاغلب.ويمكن لاي شخص او حاكم ان يخالف راي المرجعية وان يقف بوجهها بصورة مباشرة او بصورة غير مباشرة وبامكانه ان يظهر خلاف ما يفعل مستغلا حلم ورؤية المرجعية بل على العكس قد يفسر مثل هذا السكوت وهذا الحلم قبولا بافعاله فيقوم بما هو اسوء من ذلك عندما يضلل الراي العام بان المرجعية تقف معه ومؤيده لتحركاته ومصفقة لقراراته.وفي الازمة الحالية التي يشهدها البلد والتي تعتبر الاسوء والاخطر اعلنت المرجعية الدينية رايها بوضوح ودون لبس او لف او دوران او محابات او تزلف لهذا الطرف او ذاك وقالت دون تردد ان هناك ازمة حقيقية وان حل الازمة مسؤولية الجميع وان التظاهر حق دستوري وان الاستجابة الى مطالب المتظاهرين المشروعة تكليف شرعي وان تسييس الشارع وتحشيده طائفيا امر غير مقبول ومرفوض لان هذا التحشيد يعقد المشكلة بدل حلها كما رفضت المرجعية تسييس القضاء والتعامل مع القوانين بانتقائية تبعا للمصلحة الحزبية والشخصية.وانا هنا لن اقول ان المالكي التزم ام لم يلتزم بتوجيهات المرجعية الدينية العليا حتى لا يقال اني ضد المالكي واني اتقول عليه وادعي ما ليس فيه وان المرجعية لم تنصبني مدافعا عنها واني بعثي وطائفي واني اكره نجاحات وانتصارات مختار العصر لذا اترك لكم تقدير التزام المالكي باوامر المرجعية من عدمه بعد قراءة مطالب المرجعية الدينية سواء في حل الازمة الاخيرة او الازمات السابقة وتصرفات المالكي خلال هذه الازمة والازمات السابقة ايضا وكيف يمكن قراءة رفض المرجعية استقبال اي مسؤول حكومي منذ اكثر من سنة ونصف..
https://telegram.me/buratha