سليم الرميثي
في بداية تأسيس قناة الجزيرة عام 1996 كنا نعتقد انها ستكون قناة اخبارية من الطراز الاول على غرار القنوات العالمية المعروفة في نقل الاحداث واستبشرنا خيرا وكنا نتابع نشرات الاخبار ونترقبها ساعة بساعة واخذت تتوسع في بثها واستطاعت ان تكون القناة الاولى في كل بيت من بيوت الاسر العربية لانهم وجدوا فيها ماكان مخفي عنهم عقود من الزمن .وكنا كعراقيين نتمنى ان تستمر وفق منهج مستقل وحيادي ولو بشكل نسبي في نقل الاحداث وفي برامجها ولكننا لاحظنا ومنذ انطلاقها انها تميل الى جهة دون جهة اخرى وكان لنا نحن العراقيين الكثير من المآخذ اتجاهها وخصوصا موقفها من نظام صدام وحتى سقوطه..و منذ ذلك الحين عرفنا ان هذه القناة مُسَيّرة وفق اجندات ومخططات ساسية كبيرة في المنطقة العربية وعليها واجبات كانت تتهيأ للبدأ بتنفيذها. ربما ذلك لم يكن معلوما ومعروفا لاكثر كوادرها لذلك سمعنا وشاهدنا الكثير منهم بعد ان شعروا بانحراف القناة تركوها فورا ورموا عليها يمين الطلاق وصرخوا باعلى اصواتهم بان قناة الجزيرة جائت وفق مخطط مدروس لاحداث الفوضى في المنطقة العربية واضعاف دولها وابتعدت كثيرا عن شعاراتها التي جائت بها وأصبحت لاتختلف عن اي مؤسسة اعلامية رسمية وحزبية مؤدلجة تماما وافتقدت مهنيتها واخلاقياتها بصورة واضحة .و موقف قناة الجزيرة مما يسمى بالربيع العربي والذي ساهم في اسقاط حكومات وانظمة بل واسقاط الدول ومؤسساتها واِبدالها بالفوضى في تلك البلدان التي لازالت تترنح من هول الهزات الشعبية والتي كانت جميعها تفتقد الى قيادات رشيدة تجنب شعوب المنطقة تبعات ذلك التغيير المفاجيء..وهذا ادى الى سقوط قناة الجزيرة ايضا وترنح سمعتها امام المشاهدين وعلى كل المستويات الرسمية والجماهيرية.. وبعد ان كانت الجزيرة هي القناة رقم واحد نجدها اليوم الرقم عشرين او اكثر ولم تعد متابعتها ذات اهمية كبيرة لان المشاهد وجد ولمس الكثير من المبالغات في نقل الاحداث من اي مكان ولان انحيازها واضح جدا في نقل اي خبر او حتى برامجها وكوادرها نلاحظهم دائما يأخذون جميع برامجهم في منحا واحد حسب توجيهات صارمة وفي اتجاه واحد فقط ..وكأن المشاهد كان يرى ماوراء الكواليس من مؤامرات ودسائس واضحة تصب في مصلحة اهداف القناة ومموليها ولم تعد تلك القناة المستقلة ولا نرى فيها الراي والراي الاخر مثل ماتدعي.. بل ان شعارها هذا سقط كسقوط الانظمة العربية ..والدليل ان هناك استطلاعات ودراسات اميركية اثبتت انخفاض نسبة مشاهدي هذه القناة الى مستوى كبير بعد ان كان يشاهدها اكثر من 43 مليون مشاهد في أنحاء العالم وصل هذا العدد الى 6 مليون او اقل.بالاضافة لكل ذلك نرى ونسمع يوميا هروب واستقالات لابرز الوجوه من مقدمي البرامج والمذيعين والمراسلين من هذه القناة التي اصبحت اداة سياسية قطرية رديئة ورخيصة لبث الفرقة في المجتمعات وخصوصا العربية والاسلامية .الان لو اخذنا مثلاُ تغطيتها للاحداث في سوريا ومنذ عامين ونحن نعلم ان مايجري في سوريا هو حرب بكل معنى الكلمة وهناك طرفين في الحرب وهما سوريا كدولة ونظام من جهة ومجاميع مسلحة ومرتزقة وباعداد كبيرة دخلت الى سوريا وهي مسلحة بكل اصناف الاسلحة الحربية التي تستخدمها الجيوش في كل دولة من دول العالم ولكن قناة الجزيرة تظهر فقط وفي كل نشراتها الاخبارية وشريطها الاخباري بان الجيش السوري هو فقط من يقتل ويدمر واما المجاميع المسلحة من السوريين تظهرهم وتعرضهم على شاشاتها على انهم مظلومون ومسالمون وما هم الاّ ثوار وتتناسى بل وتغض الطرف عن اظهار المرتزقة الغرباء والاجانب وعن المذابح التي يرتكبونها بحق الشعب السوري وتصورهم وكأنهم ينثرون الورود واغصان الزيتون على رؤوس الناس في المناطق التي يدخلونها.. ومن اول يوم بدأت الحرب على سوريا والجزيرة تتحدث عن انتصارات لما يسمى بالجيش الحر والتي هي غير موجودة اصلا على ارض الواقع حسب مايذكره الكثير من اخواننا الذين يسافرون الى سوريا ويعودون وهذا يذكرنا تماما بقنوات عدي وصدام اثناء حروبهم العبثية مع الجيران ولو كان ماتعرضه الجزيرة ومثيلاتها حقيقيا لما بقيت سوريا كدولة ولا نظامها الى هذا اليوم ..وعلى المتابع العاقل للاحداث في سوريا او غيرها ان يقف متأملا ومحللاً وبدون عواطف لما يسمع ويشاهد قبل ان يصدق ماتقوله وتعرضه الجزيرة وشبيهاتها.. الجزيرة اصبحت من القنوات التي تحاول تهييج العواطف والعواصف بين المجتمعات والشعوب ولاتبالي بما تؤول اليه الامور مهما كانت مأساوية وكارثية وغير انسانية..وهي تسير كما يريد ويتمنى رُبانها القطريون لا كما تريد الشعوب المظلومة حقا..فهل سنرى هروب عدد آخر من كوادر الجزيرة الغير قطريين ورفض اجنداتها؟ وهل بدا حقا العد التنازلي لسقوط قناة الجزيرة وافولها؟ هذا ما ستقوله وتكشفه الايام القادمة..
https://telegram.me/buratha