جمعة العطواني
كنا نتصور ان عهد العراق الجديد يتميز عن مرحلة الطاغوت البعثي من خلال ان القرارات لاتتخذ ب(جرة قلم )او (مزاج سياسي) ، بل انها قوانين تتخذ في داخل قبة برلمان يمثل الشعب خير تمثيل ، وهذا ما يضفي قيمة شرعية ومشروعية على تلك القوانين ، الا اننا تفاجانا بان شيئا من هذا القبيل لم يحصل كيف ؟
حيث طلت علينا اللجنة الوزارية برئاسة الدكتور حسين الشهرستاني لتعلن عن تعديلات على قانون المساءلة والعدالة اقرها مجلس الوزراء ، ويتضمن التعديل (السماح لجميع البعثيين من هم بدرجة عضو شعبة بالعودة الى دوائرهم ، او طلب الاحالة على التقاعد ، مع الاحتفاظ بجميع حقوقهم ) ، ولم يبق ممن شملوا بقانون المساءلة والعدالة الا من هم بدرجة عضو فرع فما فوق !
ثم يعلن رئيس هياة المساءلة والعدالة عن اكمال ملفات اكثر من عشرة الاف مشمول بقانون المساءلة والعدالة لغرض احالتهم على التقاعد او العودة الى دوائرهم، وارجاع اكثر من 4200 دار لاصحابها من كبار البعثيين الذين شاركوا بهدم دور الشيعة على رؤوس اصحابها في تسعينات القرن الماضي !!!
انه مكر السياسين الذين وصلوا الى مرحلة من الاستعداد للتضحية بكل الاستحقاقات السياسية والاجتماعية من اجل البقاء في السلطة ، فالسلطة اصبحت (قدس الاقداس ) امام اغلب الساسة الشيعة ، فالحديث عن ابناء المقابر الجماعية وعذاباتهم خلال خمس وثلاثين عاما من تسلط البعث والبعثيين على رقاب العراق لم يسلم منهم بيت من بيوت اتباع اهل البيت ( ع) اصبح حديثا مجا فجا لدى البعض، وانك عنما تتحدث عن الواجب الاخلاقي والشرعي الذي يفرض على الطبقة السياسية الشيعية تحديدا بالعمل على عدم السماح لاولئك الذين انتفخت بطونهم من المال الحرام الذي حصلوا عليه مقابل ذبح وتركيع واذلال شيعة امير المؤمنيين (ع) تجد اغلب السياسين الشيعة يشمئزون من هذا الحديث ، كونه يتقاطع مع (متطلبات) المرحلة .
ان ما انجزته هياة المساءلة والعدالة بشهر من خلال ارجاع اكثر من عشرة الاف بعثي بدرجة عضو شعبة وفرقة بايام ، يتجاوز ما انجزته مؤسسة الشهداء بعشر سنيين . ان من يقرا بدقة قانون المساءلة والعدالة ويرى الاستنثاءات التي اجريت عليه مؤخرا يجد انه لم يبق من القانون الا اسمه ، حيث افرغ هذا القانون من كل محتوى فيه ، واذا كان هناك من يتمسك بشماعة ان (هذا القانون يستثي اعضاء الفروع فما فوق في حزب البعث المقبور ) ، فنقول لهؤلاء ان اعضاء الفروع فما فوق لم يعودوا بحاجة الى استثناءاتكم فقد رفض هؤلاء العملية السياسية بكاملها ، وعملوا توأمة مع تنظيم القاعدة في قتل العراقيين ، وهم يتلقون الدعم المالي والسياسي من قطر وتركيا ، وحتى من امريكا التي عقدت معهم مؤتمر في حمص في عام 2007م ، ولو وجدتم فيهم رغبة للعودة الى العراق لما قصرتم في استثنائهم من هذا القانون .
ان افراغ هذا القانون من محتواه وابقاء الاسم كشعار، لايعدو الا ان يكون رماد يذر في عيون ضحايا البعث ، من ابناء الشهداء ، ومعذبي السجون من اجل اسكاتهم خشية ان يقولوا لماذ الغيتم هذا القانون ، وخشية ردة الفعل من ضحايا البعث ، انه دهاء معاوية اختمر في قلوب بعض ساسة الشيعة ، هاهي مقولة السيد الشهيد محمد باقر الصدر( قدس) شاخصة اليوم امام كل من يدعي انه خريج مدرسته ، اذ يقول السيد الشهيد ( عرضت عليكم دنيا هارون ورفضتموها ؟) ، بمعنى عندما تعرض عليكم دنيا هارون الرشيد العباسي ولم تقبلوا بها ، كونها تتقاطع مع مبادئكم عند ذلك من حقكم ان تقولوا (لعنة الله على هارون )، هاهم ساسة شيعة العراق تعرض عليهم عشر معشار دنيا هارون واشتروها بدما العلماء الشهداء ، وبعذابات الرجالات ، الذين قدموا ارواحهم من اجل ان يكونوا مصداقا لقول الشهيد الصدر ( لو كان اصبعي بعثيا لقطعته ) . تلك الدماء التي ورث ثمارها ساستنا اليوم ليتاجروا بها باثمان بخسة ، فلم تقطع الاصبع كونها بعثية ، بل لم يكتفوا بعودة صغار البعثيين ، بل اليوم عادوا ليعيدوا كبار البعثين ( عضو شعبة ) ، بل وتحتسب لهم سنوات الجريمة سنوات خدمة ، مكافاة لهم على ما ارتكبوه من جرائم بحق العراقيين .
يروي احد الضباط يقول في احد الاجتماعات للقيادة العسكرية الحالية اجتمع عدد غير قليل من كبار ضباط الجيش العراقي الجديد ( القديم ) وكلهم بعثيون كبار ، فقال المسؤول الكبير ساخرا ( لاينقصنا فقط ترديد شعار البعث - امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة- الذي كنا نردده ايام البعث )
هنيئا لامهات الشهداء ، وهنيئا لاخوات الشهداء ، وهنيئا للمعذبين في قعر سجون البعث على هذا الاستخفاف بكرامتهم ومشاعرهم ، بهذه العودة اللاميمونة للبعثيين وهنيئا لهم بهذه الطبقة السياسية التي جرفتها سيول دماء المعذبين حتى عادوا يؤاخون البعثيين وينادمونهم على موائد السياسة .
https://telegram.me/buratha