المقالات

رافع العيساوي وعامر الخزاعي وزيران ومتظاهران

618 22:17:00 2013-01-19

إسماعيل علوان التميمي

لسنا في موضع الدفاع عن أداء السلطات الاتحادية الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية فهو أداء متدن وفاشل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ولا يحظى باحترام الشعب مطلقا لا بل إن الشعب متذمر من هذا الأداء تذمرا عبر عنه في المظاهرات التي عمت محافظات العراق في ربيع 2010 فأداء الحكومة عليه العديد من المآخذ أهمها إخفاقها في إكمال تشكيلتها ولاسيما تسمية الوزراء الأمنيين بصرف النظر إن كان الإخفاق تتحمله الحكومة لوحدها أم بالتضامن مع الكتل السياسية المعنية . كذلك عدم وضع نظام داخلي لمجلس الوزراء مع مضي الدورة السابقة ونصف الدورة الحالية ، أي إن الكابينة الوزارية تعمل بدون قانون ينظم عملها لمدة ست سنوات وهذا مخالف صراحة للدستور لا بل للمنطق أيضا حيث ألزمت المادة 85 من الدستور الحكومة بوضع نظام داخلي لمجلس الوزراء لتنظيم سير العمل فيه .كما انها اخفقت أيضا في العمل مع شركائها بروح الفريق الواحد ، فإذا تقاس الأمور بنتائجها او خواتيمها كما يقولون فمنذ تشكيل المالكي لحكومته الثانية إلى اليوم وقعت الكثير من الأزمات السياسية بينه وبين شركائه ، واخفق في حل أي منها فهناك مشاكل مع شركائه الأكراد ومشاكل مع شركائه في القائمة العراقية إضافة إلى وجود مشاكل حتى مع حلفائه في التحالف الوطني مثل كتلة الأحرار ، وكذلك لديه علاقات قلقة مع كتل وشخصيات سياسية مهمة أخرى داخل التحالف الوطني نفسه تنظر إلى أدائه بان يؤذي التحالف الوطني ويلحق الضرر بالعملية السياسية برمتها. باختصار فان رئيس الحكومة اثبت انه لا يجيد قواعد وأصول الشراكة السياسية التي تعد من أهم قواعد اللعبة الديمقراطية .ولسنا في موضع الدفاع عن القضاء العراقي أيضا حيث يقبع آلاف الأبرياء في السجون دون محاكمة كما صدرت المئات من أوامر القبض بناء على إفادات المخبر السري أو بناء على دعاوى كيدية واضحة ، وعدد كبير من المتهمين ما زالوا في التوقيف دون أن يحسم القضاء أمرهم والحكم عليهم براءة أو إدانة ، وآخرها اصدر مذكرة قبض بحق محافظ البنك المركزي وتوقيف نائبه وهما من خيرة الشخصيات المهنية المتخصصة بالشان المالي والنقدي في العراق واعتقال اكثر من عشرين موظفة من موظفات البنك خلافا للدستور وخلافا لقانون البنك الذي خص موظفيه بالحصانة القانونية الكاملة ، كما تم إلقاء القبض على عشرات الأشخاص بجريرة غيرهم وهذا مخالف للشرع ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) كما انه مخالف للدستور الذي نص على ان ( العقوبة شخصية ) أي إنها لا تتعدى شخص المجرم إلى شخص آخر ومخالف لقانون العقوبات نفسه.كما تم اعتقال مواطنين بدون مذكرة قبض وهذا مخالف صراحة لنص المادة 37 اولا الفقرة ب التي نصت على( لا يجوز توقيف احد او التحقيق معه الا بموجب قرار قائي ) والسبب في كل ذلك إن التحقيق مازال يهيمن عليه إلى حد كبير ضابط الشرطة أكثر من قاضي التحقيق وهذه مشكلة كبيرة ستفرز نتائج خطيرة إذا لم يتداركها مجلس القضاء ويجد حلا حقيقيا لها من خلال تشكيل دائرة تحقيق مختصة تتبع مباشرة محكمة التحقيق وكذلك زيادة أعداد قضاة التحقيق بما يمكنهم من الإشراف المباشر على التحقيق في كافة مراحله بحيث تبقى أوراق التحقيق تحت أنظار القاضي لمنع حالات التلاعب بها من قبل بعض ضباط التحقيق في الشرطة . فبسبب بعض المفسدين من ضباط التحقيق أفرج عن أمراء في تنظيم القاعدة الإرهابي من خلال التلاعب بأوراق التحقيق الذي يجيده هؤلاء . وفي نفس الوقت هناك العديد من الأبرياء مازالوا موقوفين لأنه ليس لديهم ما يدفعونه لهؤلاء المفسدين .ولسنا في موضع الدفاع عن البرلمان لهذه الدورة بالذات فانه فشل تماما في القيام بدوره التشريعي والرقابي فالتعديلات الدستورية التي رحلت اليه من الدورة السابقة ما تزال على الرف ومازالت مشاريع العديد من القوانين المهمة والأساسية على الرف ايضا دون أن ترى النور رغم أهميتها وضرورتها مثل مجلس الاتحاد وقانون النفط والغاز وقانون الاحزاب والقوانين التي نص الدستور على تشريعها وهي تتجاوز الخمسين قانونا . كما ان قبة مجلس النواب أصبحت وبفضل العديد من النواب منصة لتصريحات كتل ونواب تثير الاشمئزاز وتفتقر إلى الحد الأدنى من الذوق العام ، ساهمت الى حد كبير في تأجيج الفتن وزرع الفرقة بين أبناء الشعب الواحد ، كما وقعت مهاترات ومشاجرات وكلمات ولكمات أثارت سخرية الشعب وعدم احترامه لهؤلاء النواب الذين يحتاج بعضهم إن لم نقل اغلبهم إلى اخذ دروس تعليمية في آداب الحديث.وفي المبادئ العامة للسياسة فمعظمهم ليس سوى معقبو مقاولات ومعاملات شخصية لأنفسهم وأقاربهم وأصدقائهم فتجدهم يقيمون في مكاتب الوزراء ووكلاء الوزارات والمدراء العامين ومدراء العقود في دوائر الدولة تحت عنوان ( زيارة وتسيارة ).ولكن منذ قيام أولى أشكال السلطة في المجتمع البشري إلى اليوم لم يحدثنا التاريخ عن حاكم يحكم ويعارض ويتظاهر في آن واحد كما هو حال الدكتور رافع العيساوي الذي شاهدناه متظاهرا محمولا على الأكتاف ، وهو وزير لوزارة سيادية فائقة الأهمية تتولى مسؤولية إدارة الشأن المالي في الحكومة الاتحادية ، والمال كما نعرف هو العصب المركزي لأي دولة في العالم ، فوزارة المالية هي التي تضع الموازنة العامة للدولة العراقية بشقيها التشغيلي والاستثماري ، وهي التي تقدم مشاريع القوانين ذات الطبيعة المالية كقانون الرواتب وقانون الضرائب والكمارك الخ ، وهي التي تخصص الدرجات المالية لكل وزارات الدولة ، وبدون موافقة وزير المالية لا يستطيع لا رئيس الجمهورية ولا رئيس مجلس الوزراء ولا رئيس مجلس النواب ولا رئيس مجلس القضاء الأعلى أن يعينوا موظف خدمة لديهم .للأسف الشديد ، إن تجربة السنوات العشر الماضية أثبتت للعراقيين وبالأدلة القاطعة إن الغالبية الساحقة من كبار السياسيين هم سياسيون أميون وفاشلون ، لا يفقهون شيئا لا في السياسة ولا في إدارة الدولة ، لا بل لا يفقهون حتى ابسط قواعد اللعبة الديمقراطية ، فهم لا يفقهون دستور الدولة ولا نظامها السياسي ولا اختصاصات سلطات الدولة الثلاث .فهم سياسيون طارئون معظمهم بلا تاريخ سياسي وبلا تاريخ وطني جاءت بهم عوامل هجينة شتى فيها العنصري والطائفي والعشائري والأجنبي إلى مواقع السلطة وهم يجهلون معنى السلطة وابسط مقوماتها . في كل الأنظمة الديمقراطية في العالم هناك أغلبية تحكم وأقلية تعارض والأداء الحكومي هو وحده معيار النجاح ومعيار الفشل في الوقت نفسه ، فيمكن وعلى ضوء الانتخابات أن تتحول الأغلبية إلى أقلية إذا لم تحسن حكومة الأغلبية إدارة الدولة وتتحول الأقلية إلى أغلبية إذا أحسنت معارضتها للحكومة واستمالت أغلبية الناخبين إليها ، ولكن لا تداخل بين المعارض وبين الحاكم فالحاكم حاكم والمعارض معارض ، فلا يجوز أن يصطف الحاكم في خانة المعارضين ولا يجوز إن يصطف المعارض في خانة الحاكمين .إلا في الحالة العراقية حيث نجد شخصا واحدا وفي يوم واحد وزيرا ومعارضا ومتظاهرا وحتى ثائرا ومجاهدا في آن واحد .نعم من حق الحاكم أن يتحول إلى معارض ولكن بعد إن يترك منصبه ويلتحق في الجهة المعارضة للحكومة ومن حق المعارض أن يتحول إلى حاكم ولكن بعد أن يترك صفوف المعارضة ويلتحق بالحكومة ، أما إن يكون الحاكم نفسه معارضا ومتظاهرا في الوقت نفسه كما هو حال الدكتور العيساوي فان ذلك وحده كفيل بإثارة سخط الشعب واستهجانه وعدم احترامه لأنه قبل لنفسه إن يمثل مصلحتين متعارضتين لا يجوز الجمع بينهما مطلقا .المؤسف والمؤلم أيضا إن الدكتور العيساوي لم يتحول إلى معارض ومتظاهر تضامنا مع مطالب شعبية لتحقيق هدف شعبي نبيل وإنما تحول إلى معارض ومتظاهر على اثر اعتقال عدد من أفراد حمايته الشخصية بتهم تتعلق بالإرهاب وهذه مصلحة خاصة لا نجد فيها مصلحة شعبية معينة . فالشرطة العراقية تعتقل يوميا العشرات من العراقيين المتهمين بالإرهاب بأوامر قبض قضائية بصرف النظر إن كانت هذه الأوامر صدرت بناء على أدلة كافية أم بناء على مخبر سري فلماذا لا يتظاهر العيساوي على اعتقال هؤلاء ؟ ولكن عندما تعتقل الشرطة تسعة من أفراد حمايته يتحول فورا رئيس الحكومة إلى دكتاتور ويتحول القضاء العادل إلى القضاء الظالم وتتحول قوات الشرطة إلى ميليشيات وعصابات للخطف . فلماذا الكيل بمكيالين يا معالي الوزير ؟وآخرها شاهدنا مستشار رئيس مجلس الوزراء والوزير السابق لشؤون المصالحة متظاهرا في الباب الشرقي في بغداد ولا ندري هل يتظاهر على نفسه ؟ أو ضد من تستوجب مهمته كوزير للمصالحة أن يتصالح معهم لا متظاهرا عليهم؟ . الحقيقة (انه ضحك كالبكا ) كما يقول المتنبي ولله درك يا عراق .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك