المقالات

الشهيد السيد مهدي الحكيم وثورة الفكر...

457 14:12:00 2013-01-20

سعيد البدري

لاشك ان استذكار شخصية عظيمة من الشخصيات الاسلامية يثير فينا المشاعر ويدفعنا لاقتفاء الاثر لسببين اولهما لماذا هذا التاثير وكسب المكانة في قلوب معاصريه من العراقيين والعرب وعموم المسلمين وثانيهما الاسباب التي تدفع نظاما وحشيا كنظام العفالقة لاستهداف وتصفية رجل كالسيد محمد مهدي الحكيم وقد تكشف الاجابة عن هذين السؤالين مدى ارتباطهما ببعضهما فلولا المكانة العميقة في قلوب المحبين وقوة الشخصية وصوابية الرأي وايصال مظلومية الشعب العراقي الرازح تحت استبداد نظام العفالقة لما اقدم هذا النظام الجبان على تعقبه ومحاولة قتله بشتى الوسائل الى ان جاءت اللحظة التي تمكن فيها رجال مخابراته القذرة من اغتيال هذا العلم الشجاع في السودان بتواطىء واضح من قبل بعض الاشخاص هناك ولنتعرف اكثر او نقترب منه فعلينا ان نفهم او لا من هو محمد مهدي الحكيم وهل كان مجرد ابن لزعيم المرجعية الدينية السيد الامام الحكيم ام ان هناك ميزات اخرى قد تكون اعمق مما نتصور واكثر قوة اهلته لقيادته جوانب كبيرة في العمل الاسلامي المعارض لنظام صدام وحزب البعث الكافر. ان العلامة الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم الملتصق بالمرجعية الدينية وابنها البار لم يكن صاحب نظرة تقليدية فيما يتعلق بانتمائه لهذه المؤسسة العريقة فهو يرى رضوان اله عليه ان بناء مجتمع مدني بمؤسسات مؤهلة يستطيع نقل العراقيين تحديدا الى مصاف الشعوب المشاركة في صناعة قرارها والمشاركة في الحكم وهذا حسب نظرته لم يكن ممكنا عبر الحكم الشمولي وهو ما يقودنا بحسب هذه النظرة ايضا الى تغيير شامل وكامل في اساليب التنمية والبناء والتعليم وانماط اخرى تتعلق بحرية التعبير وحرية الرأي وغيرها لانه رضوان الله عليه كان يقرا في التنوع الكبير للشعب العراقي نقاط قوة لايمكن لغيره رؤيتها في تلك الحقبة تحديدا لذلك فهو يرى ان بناء مؤسسات دولة راسخة قوية رصينة تضمن عدم تشرذم الاتجاهات العرقية والاثنية والطائفية وسط معادلة صعبة تحيط بالعراق هو مفتاح حل مشكلة مزمنة عانى منها العراق ولازال يعاني وهي فكرة حكم الاقلية وموجة الانقلابات العسكرية وحكم جنرالات الحرب المرتبطين باجهزة المخابرات الغربية والاقليمية, فهذا النضج في الرؤية اعطاه بعدا اضافيا جعل منه شخصية مؤثرة بل ان الكثيرين ممن عاصروه وهم ينتمون لمدارس فكرية وسياسية وتوجهات مختلفة كان يرون فيه رمزا للاعتدال والانفتاح,ليس هذا فحسب بل العلامة الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم (قدس سره) كان من بين ابرز الشخصيات الوطنية التي تركت بصماتها واضحة وجلية في خارطة النضال الوطني ضد النظام الاستبدادي الدكتاتوري في العراق بوجود مثل هذه النظرة الشاملة الكاملة عن طبيعة النظام البديل للبعث حال سقوطه وهو مادفع هذا النظام الى استشعار الخطر والتخطيط لتصفيته بكل وسيلة وهو ما يقودنا ايضا الى فهم نظرة الاخرين حيال قضية قد يرونها متناقضة مع ما يؤمن به وكما هو معلوم فأن رجل الدين والعالم تحديدا تحيطه قبليات واعتقادات وقواعد فقهية لابد ان يراعيها في استخلاص احكامه والا فانه قد يخرج عن خط العلمية ويكون مجرد سياسي اوصاحب رأي مخالف بسبب قصور فهمه للفكرة وابتعاده عن هذه المتبنيات اما فيما يتعلق بنظرة الشهيد السيد مهدي الحكيم فقد قرأ كل ذلك وشخصه والتزم به بل دعمه بشواهد وقراءات من ارث الامة وائمتها الانجاب سلام الله عليهم مضافا اليه التصاقه بالواقع العراقي وتحديده لنوع المشكلة وعلاجها وهو ما جعل منه شخصا يتفرد في نظرته وعلاجه الدقيق لها بعد كل ذلك يطرحها بكل شجاعة ويضعها بامانة لئلا يقال انه طامع في ملك او ساع الى منصب, ورغم تعقيدات تلك المراحل الخطيرة التي شهدت تصارع قوى الشرق والغرب وانقسام دول العالم الى معسكرين يدوران في فلك قطبين (اشتراكي وراسمالي) مما يصعب المهمة ويفتح الباب امام المتقولين والانتهازيين للطعن في مثل هذه الافكار ونسبها لتاثره باحد المعسكرين كما كان سائدا في تلك الفترة من حروب التسقيط وصراع المعارضة الداخلي في المهاجر المحتدم اصلا بفعل توق كل فريق لكسب الجمهور وحشد الانصار ومع ايصاله الحقيقة للجميع ناصعة وافهامهم اياها مما اضاف له نجاحا اخر يضاف الى نجاحاته والذي اوضح بوصفه داعية ومفكر اسلامي ورجل سياسة محنك ينتمي للحوزة العلمية بل هو استاذ من اساتذتها الافاضل ان هذه المؤسسة منتجة وفاعلة ولها نظرتها التي تنفرد بها وهي مستمدة من ارث الاسلام العظيم ومبدئيته ورسوخه واثبت ايضا في رده على بعض المدارس الاخرى ومناقشتها بالدليل العلمي الواضح ان للامة الاسلامية جمهورها وشارعها الذي بدء ينتفض ويرفض التبعية وفي هذا المجال تحديدا أي صراع الفكر فقد كانت للسيد محمد مهدي الحكيم بصماته في المجالات الفكرية والثقافية في مختلف بقاع العالم الإسلامي وغير الإسلامي، ففي باكستان والامارات ولندن وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود من العمل المتواصل استطاع السيد مهدي الحكيم ان يصنع أنموذجا للشخصية الرسالية التي لاتحدها الظروف وتتفاعل مع الجميع وتفتح فضاءات وافق واسعة للعمل الاسلامي الملتزم ، بحيث انه تعامل مع مختلف العناوين والاتجاهات، في الاطارات الوطنية و الاسلامية وبهذا استحق ان يكون رمزا من رموز التسامح والاعتدال والانفتاح على الجميع وان فقدانه رضوان اله عليه خسارة كبرى للعالم الإسلامي، بل و للإنسانية باجمعها ولأن اختاره الله تعالى شهيدا مظلوما فارى ان في ذلك انصافا له وتتويجا لجهاده وعلمه ودفاعه عن ابناء امته وشعبه وما اشد فرحتنا بعلمائنا الشهداء وما تركوه لنا من ارث ينبغي ان نستفيد منه ونعيد انتاج افكاره بما يتلائم مع حاجتنا الفعلية لها سيما ونحن نمر بظروف عصيبة وتحديات نحتاج فيها مثل هذه الافكار النيرة الصادقة المباركة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك