عباس المرياني
قبل فترة من الزمن الذي ليس ببعيد قرأت مقالا لأحد الصحفيين الأمريكيين تناول فيه فكرة جميلة تم تطبيقها على ارض الواقع في إحدى الفترات التي كانت تعاني فيها أمريكا من الجريمة والفوضى والفساد محور الفكرة يدور على منع نشر أخبار الجريمة والقتل والاغتصاب والتفجير لمدة من الزمن بعد ميثاق عمل وليس شرف كما هو الحال في مواثيقنا وكان ان استجاب رجال الإعلام والسياسة لهذا الميثاق وكانت النتائج جيدة على مختلف الأصعدة النفسية والأمنية والأخلاقية وبدأت هذه المظاهر تزول تدريجيا حتى انتهت بعد فترة من الزمن رغم ان الطريق لم يكن معبدا بالورد الا ان النهاية كانت مرضية وناجحة،فلم يعد الناس يهتمون باخبار القتل والاغتيال والاغتصاب بقدر اهتمامهم بشؤون الطقس والبورصة والأسهم والسفرات الترفيهية والكلمات المتقاطعة وعالم الحيوان وتوم وجيري.ورغم ان أوجه المقارنة بين أمريكا وبين العراق قد تبدوا صعبة وغير واقعية في كثير من مفاصلها إضافة الى توسع الإعلام وتشتته وانتشاره وبحثه عن الإثارة وتنصله عن أخلاقيات المهنة الا ان المحاولة امر قد يبدو منطقيا ولا يخلو من فوائد ولا ضير ان يقتصر امر هذه الأخبار على المؤسسات المعنية بها من قبيل وزارة الصحة والداخلية وحقوق الإنسان والعدل شرط عدم تداولها من قبل وسائل الإعلام المختلفة ولمدة محدودة ثم يتم بعد ذلك تقييم نتائج هذه التجربة حتى يتم تعميمها او إلغائها.ومؤكد ان تعميم هذه التجربة وهي التوقف عن نشر أخبار الإثارة وافتعال الأزمات السياسية والتهديد والتصعيد والعبوات اللاصقة والناسفة والانتحاريين والمتظاهرين امر شبه مستحيل الا ان اعتماد السياقات القانونية والمهنية يمكن ان يحد من انتشارها وتقزيمها وتقليل اثرها ولا ضير من اتخاذ عقوبات مالية وتأديبية بحق اي وسيلة إعلام تخرق ميثاق الشرف الذي يفترض ان توقع عليه جميع وسائل الإعلام ويلتزم به جميع السياسيين.وقد تكون امنياتي اضغاث احلام في رابعة النهار لان الف ميثاق شرف وشرف لن توقف نزيف الكلمات البائسة والتهديد والوعيد وتسييس وتجييش الشارع من قبل معظم الكتل السياسية ووسائل الاعلام التابعة والتي تعمل باجندات محددة تكون معظمها مرتبطة باجندات خارجية لان معظم وسائل الاعلام تعتاش على هذا الاسلوب الرخيص كما ان وجود عدد كبير من النواب ورؤساء الكتل لا يستقيم الا من خلال السب والشتم وصنع الازمات لان وجودهم ارتبط اساسا بهذه المهام وهذا ما يمكن ملاحظته يوميا ،الكتلة الفلانية تهدد بالنزول الى الشارع والاخرى تهدد بالمواجهة وطرف ثالث لن يتردد في سحب الثقة وطرف رابع يهدد بالدستورية وحتى الذين لا مكان لهم يخوضون مع الخائضين ولا تسمع بين كل هذا الضجيج صوت الاعتدال والحكمة والرغبة في الحوار والذي ارتبط بمكون واحد فاصبح علامة مميزة له وهو المجلس الاعلى وزعيمه السيد عمار الحكيم وهؤلاء لا توجد مشكله معهم في الموافقة والالتزام ولا اتردد في ضمان موافقتهم.لن اخسر شيئا اذا حاولت ان التمس عطف النواب والسياسيين ووسائل الاعلام في ان يكون هناك ميثاق شرف بعدم اطلاق التصريحات التحريضية لمدة نصف شهر على الاقل والاقتصار على التصريحات التي تؤكد على الوحدة والتماسك والبناء والاعمار واخبار الطقس والزراعة والصناعة وتشذيب الحدائق واعياد ميلاد الاطفال والزواج لمرة واحدة لان تعدد الزوجات يعيدنا الى مربع المشاكل والتصريحات المتشنجة وبعد نهاية المدة المحددة سنحصد املا بغد افضل لان هذه الايام كفيلة بتهذيب نفوس البعض وخجل البعض الاخر.
https://telegram.me/buratha