عادل العتابي
القت بي الوظيفة الى عنوان ودرجة مدير، وكان من واجباتي في ذلك الوقت ان اقوم بجولات تفتيشية على عدد من المواقع الخاصة بالدائرة، واسجل ما يدور في تلك المواقع، في يوم من الايام وفي ساعة متأخرة من الليل، زرت احد المواقع القريبة من دار سكني، كان هناك اثنان من اشهر وامهر الحراس في الدائرة احدهما لايقرأ ولايكتب لكنه يحفظ القران على ظهر قلب وكان اسمه (صالح المشهداني)، اما الحارس الاخر فهو الحاج (رجة النعيمي) المعروف بورع كبير، شهد ذلك اليوم مشادة كلامية حامية، ونقاش حاد بين الاثنين كان قد بدأ قبل وصولي الى الدائرة واستمر النقاش بينهما وانا اسمع كل تفاصيل النقاش وانا جالس في غرفتي، فالليل ساكن ويقطع سكونه ذلك النقاش، محور النقاش كان يتمركز حول من هو الجد الاقوى لكل منهما؟ ومن هو الجد الذي يستعمل عقله قبل عاطفته؟ وللعلاقة الطيبة بيننا نحن الثلاثة توجه الحارسان الى غرفتي للمشاركة في الاجابة على السؤال التاريخي، وقبل ان اجيب توجهت الى الحارس صالح المشهداني لاسئله من هو جده؟ فأجاب بسرعة البرق انه الامام الحسين بن علي عليهما السلام، وهو المعروف بشجاعته وقتاله مع عدد قليل من اصحابه، الاعداد الكبيرة التي تجمهرت عليه في كربلاء، فقلت له طيب، اما الحارس الاخر وقبل ان اسئله عن جده قال: افتخر وعشائر النعيم بان جدي هو الامام الحسن بن علي عليهما السلام، وهو ذو العقل الراجح والتفكير السليم.قلت لهما من باب الود والمزحة اذا كان جدكما الحسن والحسين سلام الله عليهما فمن هو جدي هل هو عمر بن سعد؟ ام الشمر بن ذي الجوشن؟ فضحكنا ثلاثتنا من الاعماق، ودار نقاش بسيط حول التمسك بآل البيت الاطهار من قبل الجميع، فلم اسمع الى يومنا هذا ان هناك من يفتخر بأن جده معاوية او يزيد او مروان بن الحكم، في العراق وفي كل الاديان والمذاهب هناك انتماء كبير واصيل الى آل البيت الاطهار، الاخوة النصارى والصابئة يوقفون، ويؤجلون احتفالاتهم الكبيرة السنوية احتراما لمقتل الامام الحسين (عليه السلام) وقد تكون تلك الاحتفالات عزيزة على قلوبهم جميعا، الا انهم واثقون بان احترام فاجعة الامام الحسين اهم من احتفالاتهم.هذا العراق يختلف عن السعودية ومصر وتونس، من خلال اعتزاز ابناء العراق بالرسول الاكرم وآل البيت الاطهار، من الصعب ان تجد فرحا خلال اشهر الحزن على الامام الحسين ومن الصعب ان تجد شامتا بمقتل الحسين، بل ان المراة المسيحية تصيح باعلى صوتها يا علي اثناء الطلق وقبل الولادة، فيما تنذر الصابئية بأن تلبس ولدها اذا رزقها الله بمولود ذكر الملابس السوداء في عاشوراء وفي شهر محرم الحرام، هذا العراق الذي ينتمي الى الحسن والحسين سلام الله عليهما لن تنكسر وحدته على يد غرباء عن الوطن، بل تتماسك وحدته وتصبح اكثر قوة.ان المناصب والكراسي التي يبحث عنها الفاشلين وسط الحشود اليوم لن تجد لها موقعا على ارض الواقع، فالجميع او الغالبية من تلك الحشود تحب العراق باسره، فيما يبحث من فشل في السابق عن نجاح موهوم اليوم من خلال محاولته الفاشلة لشق الصف العراقي الواحد.الرحمة على الحارسين اللذان ارتبطا بالامامين الشهيدين الحسن والحسين عليهما السلام، وان روحهما الطاهرة تطالب بان تبقي ذلك الانتماء العراقي الاصيل لهما، ونبقى اخوان في بلد واحد نعتز بأجدادنا الاماميين الحسنين سلام الله عليهما.
https://telegram.me/buratha