صادق الموسوي
باحث مكانه وسط كتب ومدونات غادرها الى عالم ميداني لا مكان فيه للأقوال قدر ما فيه من مكانة للافعال، لكنه الباحث الذي يلوذ بطلاقة القول كي يُعتّم على فشل في الفعل، وكأنه لم يتجاوز الابتدائية في وظيفة هي عالم قد يتحول فيه عدم الفعل الى "فعلة" تجر على صاحبها الاتهام والانتقاد.وعلى رغم طلاقته في الحديث وتحدثه بلغات ثلاث الا انه وعند الاستفهام منه عن انجازاته يصيبه شيء من التعلثم وتتيه بوصلة الكلمات لتلجأ لاحقا الى انجازات ليست من تخصصه، أو تلجا الى التعذر بانشغالات السياسة فيقول ان "السجال السياسي شاغلنا ولم نفكر بتقديم خدمة للمواطن والوطن"، ولا يقصد نفسه هنا فقط بل جميع الساسة.محافظ بغداد الدكتور صلاح عبد الرزاق والذي كان يضيف لأسمه لقب "الحميد" في زمن معارضة نظام صدام، ثم اضاف لقب الربيعي بعده قبل ان يتخلى عنه، من مواليد 1954 وفي سيرته المهنية على موقعه الشخصي لا يرد مكان الولادة، البعض يقول انه من قضاء سوق الشيوخ في الناصرية، لكنه يقول في احد لقاءاته التلفزيونية بانه من بغداد بيد ان والدته من الناصرية وكانت حين يقترب لديها موعد الولادة تذهب الى مدينتها لتضع حملها.ولا يرد في موقعه الشخصي تخصصه في الهندسة والجامعة التي تخرج منها ولكنه اثناء الانتخابات (والتي صار بعدها عضوا في مجلس محافظة بغداد 2005) .. قدّم نفسه بأنه حاصل على شهادة البكلوريوس هندسة مدنية وعلى شهادة الماجستير في القانون الدولي وحاصل على الدكتوراه في الفلسفة. اشياء ثلاث يصعب جمعها في سلة واحدة. يبدو مثل رجل يحمل بطيخات ثلاث بيد واحدة. كيف تأتى له ذلك؟خريج كلية الهندسة المدنية كان يعمل سابقا في شركة آل خربيط للمقاولات واستدعي للخدمة العسكرية عام 1981 وهرب الى ايران، استقر في مدينة قم حيث انشأ مكتب بحوث ودراسات. وغادرها الى سوريا ثم الى هولندا لاجئا في مدينة رود رخت.حصل على ماجستير في الدراسات الإسلامية على رسالة بعنوان "العلاقات بين الغرب والعالم الاسلامي وتأثيرها على القانون الدولي" من جامعة ليدن (هولندا) 1996-1997 وفي العام 2002 حصل على دكتوراه من الجامعة نفسها على اطروحة بعنوان "المفكرون المسلمون الغربيون ومساهمتهم في الفكر الإسلامي وتشكيل الإسلام الأوربي"، لكن نائبا من العراقية هو مظهر الجنابي اتهمه بانه اشترى الدكتوراه من شركة وليس من جامعة، وهو امر محط شك، لان الرجل حينها لم يكن سوى لاجئ في هولندا وليس صاحب منصب كما هو الان، وكان يعتاش على المساعدات التي تقدمها الحكومة لللاجئين في ذلك البلد، ثم ان كتاباته النظرية تشي بالمام اكاديمي وسعة اطلاع.وفي هولندا كان يصدر نشرة (النخيل) منذ اواخر 1995. وهي نشرة شهرية ثقافية إسلامية، كما يقول، بيد ان خصومه يقولون انها كانت منشور من أربعة أوراق وكان يستحصل سعرها عبر تبرعات.صاحب الروح البحثية، هو في الوقت نفسه صاحب حجج ضعيفة في الدفاع عن قلة انجازاته وفي استجوابه بالبرلمان اثار امتعاض اعضاء كتلته لانه لم يقدم اجابات مقعنة، وحين سأله رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي عندما اجتمع مع المحافظين بعد انتهاء مدة المئة يوم ماذا فعلتم من مشاريع وخدمات لاطراف بغداد؟ كان جوابه: بنيت منتدى ثقافيا في بغداد؟ ... ولكن هذه مسؤولية وزارة الثقافة، تساءل المالكي. فرد عبد الرزاق جهزت بعض المدارس بالرحلات المدرسية؟ لكن هذا من مسؤوليات وزارة التربية! فاين انجازاتك؟ فقال المحافظ: سوف نتعاقد مع شركة تركية لوضع مجاري لاطراف بغداد! وتوقفت المساءلة.لكن مشروع المجاري الذي تحدث عنه عبد الرزاق وتبلغ قيمته 420 مليار دينار عراقية حدث فيه تلاعب بالعطاءات، بحسب بعض الاتهامات، وارسى المحافظ المناقصة على شركة غير رصينة على رغم الاعتراضات.وبدلا من الاهتمام بالبنية التحية احال المحافظ عبد الرزاق تنفيذ 18 سيطرة أمنية على شركات بطريقة الدعوة المباشرة وبمبلغ 12 مليار دينار ، نعم هذا ما يحلم به صلاح عبد الرزاق 12 مليار دينار لسيطرة واحدة غير بعيدة عن حي طارق حيث يحلم السكان هناك بسقف او وحدة سكنية ، لما لا و الـ 12 مليار تكفي لبناء مجمع سكني من 300 وحدة سكنية متوسطة.ولا تقتصر الانتقادات على مجلس المحافظة فبعض النواب لفت الى ان اغلب المشاريع التي انجزت في محافظة بغداد تعود الى الحكومة المحلية السابقة.يمتلك عبد الرزاق موكبا كبيرا من السيارات قوامه اكثر من عشرين سيارة، ويرافقه فريق من الطباخين يتراوح عددهم بين خمسة اشخاص الى ستة في سفراته الخارجية. فصارت المنطقة التي يسكن بها خضراء جديدة ، انها الشالجية حيث الدخول اليها ليس ابدا مثل الخروج.محافظ بغداد هو المسؤول عن توزيع تعويضات ضحايا الارهاب وعندما سأله احد اعضاء البرلمان عن سبب عدم صرف التعويضات كان جوابه انه صرف مبالغ التعويض لاجل انعقاد القمة العربية. واعترف عبد الرزاق بهدر ما يقارب 14 مليار دينار من التعويضات المقررة للأُسر المتضررة من الارهاب. وقال ان 30 موظفاً في المحافظة تم تحويلهم الى هيئة النزاهة لتسببهم في ذلك الهدر، لكن الصور لا تزال في صفحته على الفيسبوك وهو يقوم بتوزيع تلك التعويضات لمواطنين يؤكد خصومه في مجلس المحافظة انهم ليسوا كل المتضررين ، وان ثمة اسماء وهمية اختبأ وراءها الهدر.يقال انه امتلك فنادق ومطاعم في الكاظمية حين كان يعمل في ديوان الوقف الشيعي بعد عودته إلى العراق وتسنمه منصب المدير العام للعلاقات والإعلام في الديوان. وبعد سنتين من توليه منصب المحافظ بنى معملا للطابوق في سوق الشيوخ وسجله باسم اخيه، كما يقال ان ابنه جعفر (وهو لديه ثلاثة اولاد) والذي مازال يسكن في مدينة دور دوردريخت الهولندية صار من الاثرياء الان.يغمز المثقفون في الحديث عنه، ان المسؤولين يغلقون الشوارع لما تمر مواكبهم مسرعة، الا ان المحافظ يغلق نهر دجلة ويمنع البلامة من العمل نهار الجمعة حين يذهب الى المركز الثقافي البغدادي في شارع المتنبي ولم يخطر بباله ان يعبر النهر ليحلم وكأنه في قناة مائية خلف سوق الورد ببناء يشبه الكونسيرت خيباو بالهولندية، ربما لانه لا يود سماع الموسيقى الكلاسيكية.قد يصدق عليه القول ان البلاد خسرت مهندسا، مثل المحافظ صلاح عبد الرزاق، ولم تربح سياسيا، كما خسرت باحثا ولم تربح موظفا تكنوقراطيا يخدم الناس ، يبدو انه الباحث الذي لم يتعمق كثيرا في تخطيط مشاريعه ولا في مناهج بحث وظيفته ، ذلك ما يضع الاصبع عليه عضو بلدية فينا أفضل مدينة يمكن العيش بها في العالم ، العراقي عمر الراوي الذي لم يقل سوى انه حزين على بغداد التي يعوزها التخطيط. بيد ان مكاييل الخسارة والربح لدى المحافظ صلاح عبد الرزاق قد يكون لديها ميزان اخر.. ربما يغرق ايضا في زخة مطر جديدة. ينتقده الاقربون على ادائه. وهو عاجز عن الانجاز ولا يجد سوى الكلام حين يعجز الفعل.
https://telegram.me/buratha