عون الربيعي
بعد شد وجذب ومماطلة صوت مجلس النواب على تحديد ولاية الرئاسات الثلاث وليس غريبا ان يتم تمرير الامر بالطريقة التي رايناها بممانعة شديدة من نواب دولة القانون لما يشكله الموضوع من اهمية تعكس تمسك الاطراف المتنازعة بمواقفها ازاء استمرار المالكي المقصود الاول من هذا التحديد بدورتين انتخابيتين مما يعني ان الفترة المتبقية من عمر ولايته الحالية ستكون نهاية حياته السياسية كرئيس لمجلس وزراء العراق ان لم تحدث متغيرات جديدة يكون القضاء طرفا فيها بنقض هذا القانون مثلا والخشية من ان تتدخل ارادات خارج خطوط المسموح لفرض هذا النقض واعادة الامور الى نقطة البداية. اعتقد ان التحديد بدورتين فقط امر مقبول وهاتين الدورتين التي تمتدان لثمانية سنوات فترة كافية لمن يريد ان يثبت صحة نهجه ويقدم الخدمة للشعب ليصبح مثالا يحتذى به لكن ما يؤخذ على المالكي طيلة فترة رئاسته هو الانفعال وعدم فسح المجال لمن يمتلكون الخبرة والكفاءة لممارسة دوره والدليل هو التشكيلة الوزارية الحالية التي اختارها بمحض ارادته بمشاركة الكتل السياسية التي ينتمون اليها والتي غلب عليها قلة الخبرة والممارسة والضعف ان استثنينا بعض الوزراء المخضرمين في التحالف الكردستاني وبعض الوزراء الاخرين وعددهم لايتجاوز الثلاثة من كتلة بدر ومن العراقية اما الباقين فهم كما وصفتهم في البداية وما جعله ينحى هذا المنحى هو رغبته في السيطرة واستغلال عدم خبرتهم لامضاء بعض المتطلبات فالمالكي هو الخاسر الاكبر باعتماده وزراء بعضهم غير كفوء والاخر اعتمد تمشية الامور خوفا من الفشل وهو ما عطل وزارته وجعلها دائرة بروتوكولية تضم المفسدين المسكوت عنهم ,عموما ان هذه التجربة تقودنا الى فهم دور القائمة العراقية وعدم جديتها في حل المشاكل مع الحكومة ونواب دولة القانون فيما يتعلق بتظاهرات الانبار فهي تسارع للتصويت والحضور الى قاعة البرلمان من اجل قانون تحديد ولايات الرئاسات الثلاث بينما تتنصل عن واجبها وتنسحب من اللجنة الحكومية الموكول اليها متابعة مطالبات المتظاهرين وهذا يدل على انها لاتريد حل هذه الازمة بتاتا وموقفها هذا يؤكد بما لايقبل الشك انها عازمة على الضغط اكثر وعرقلة عمل الحكومة بل وصلت بها الامور الى التهديد بالانسحاب من البرلمان وهنا اقول اذا كان الحل في الجلوس واتخاذ القرارات واجراء الحوارات مع الاطراف المعنية كما حدث في التصويت فلماذا هذا التحايل وعرقلة مساعي الحل ولماذا يتم التستر على التهديدات التي اطلقها بعض اذناب البعث المجرم ومجرمي القاعدة الذين هددوهم بالتصفية في حال الشروع بمفاوضات مع الحكومة حول هذه التظاهرات ولماذا ايضا يتم التغاضي عن جريمة قتل الجنود العراقيين ودفع البعض للاشتباك معهم قبل صلاة الجمعة في الفلوجة لتصور الامور على انها اعتداءات من قبل الجيش على متظاهرين عزل وهل في مثل هذه الحالات يمكن لمن يدعي الوطنية وينتصر للعراقيين ودمائهم ان يدس رأسه في التراب كما تفعل النعامة . لقد اثبتت تجربة التصويت على تحديد فترة ولايات الرئاسات الثلاثة زيف نواب العراقية وكذبهم وخداعهم واثبتت ان الممارسة السياسية الحقيقية هي من تحل الازمات وتذهب بالامور الى الامام اما انتهاج طريق الازمة والسير خلفها والانسحابات المبرمجة لارباك وضع البلد في سياسة مبتذلة ندعوهم لتركها والعودة الى جادة الصواب لاننا بصراحة وكاغلبية تعيش في هذا البلد سئمنا من كثرة المماطلة والتسويف ومحاولات النيل من كرامتنا عبر مؤامرات مدبرة تقودها مخابرات دول اقليمية بمشاركة العراقية والقاعدة ولا يمكن لي ان اضعهم في خانة غير خانة المتآمرين وقد اثبتت حيلهم وخطاباتهم المسمومة هذا النهج المعادي للاغلبية ورجالاتها فعندما تعلق لافتات ويافطات كبيرة في مداخل الفلوجة تحمل عبارات غبية (قاتلنا امريكا وبريطانيا وسنقاتل الصفويين) فهذا يعني ان تدبيرا معينا يجري بمباركة اقليمية كما ان نداءات المساجد بساعة صفر لضرب قوات الامن في سامراء امر يثير الريبة هذا اذا لم نضع علامات استفهام حول اجتماعات بقايا البعثيين في ديالى وتوزيع الاسلحة عليهم فماذا نسمي كل ذلك ؟؟ نحن لاندافع عن نهج المالكي فالرجل عنده اخطائه التي نعترف بها جميعا ومنها سماحه بالسير وراء الازمات وعدم احتوائه لحرب التصريحات وضعف بعض الجوانب الخدمية لكن هل يتحمل هو ذلك وحده الجواب قطعا لا فشركائه في الحكومة والبرلمان يتحملون المسؤولية كما هو لكن هذا لايعني ان تختلق حروب واصطفافات على حساب دماء الشعب العراقي وتصبح الدولة العوبة بيد هذا الطرف او ذاك ولعلي سمعت احد المحللين يتحدث عن يأس بعض المتطرفين من اساليب القيادات السنية المشاركة في الحكومة التي كانت تعد بانقلاب وتسلل تدريجي وهي لم تحقق شيئا حتى الان لان حلم العودة للسلطة الذي يغذيه بعض حكام الدول العروبية ثبت استحالته في الظروف الحالية والسنوات الماضية فكان اللجوء الى التظاهر ومن ثم تعطيل البلاد ومؤسساته عبر الانسحابات التكتيكية التي نراها اليوم ايذانا بتحقيق تنازلات جديدة وكبيرة على حساب ثوابت وحقوق الاغلبية ومن ثم اذا لم ينجح ذلك كله فخيار الحرب الاهلية قائم ومتاح وهناك من يدعم بالمال ويمد بالرجال وكل هذه سيناريوهات معدة للنيل من الاغلبية وانكارها يحتاج الى سلوك عملي يدحضها ويبددها لكن مع هذا وغيره نقول ان كانت المسألة مسألة حقوق ومطالب فالامر فيه وجهة نظر بينتها المرجعية والنخب السياسية اما اذا كانت مؤامرة فهيهات ان نرضخ ونعود للغة الاذلال والتعالي والتابع والمتبوع فقد سئمنا من كل هذه الترهات ولن يكون حلم من يريد التسلط قريب المنال لاننا عقدنا العزم على الاستمرار في ممارسة حقوقنا التي اوجزها شهيد المحراب رضوان الله عليه وعبر عنها بالمشاركة العادلة في تقرير مصير وحكم البلاد فهل سيكون لكم بعد ذلك حجة في التسلط علينا او التهديد بقتلنا رغم اننا نقتل يوميا بعشرات المفخخات وتتناثر اشلاء ابنائنا وبناتنا ونسائنا ورجالنا واطفالنا في طوز خورماتو والحلة وكربلاء والناصرية وديالى وبغداد وبلد وغيرها من بلدات ومدن العراق انها معادلة يصعب فرضها على شعب استعاد حريته ولن يفرط فيها رغم كل هذه التضحيات ..
https://telegram.me/buratha