الباحث والاعلامي : قاسم بلشان التميمي
فرحان الغضبان سائق الكوستر طلب من ( العبرية) يعني الركاب ان ينصتوا جيدا لحديث (معلم متقاعد) كان ضمن الركاب ، لأن هذا المعلم ( حيل يفتهم) حسب قول فرحان الغضبان وقال (استاد تفضل احجي) وتكلم المعلم المتقاعد قائلا ان تاريخ العراق الحديث لا يمكن اختزاله بشخصية سياسية محددة ولكن يمكن ان نشير الى شخصية بعينها كان لها دور بارز ومهم على الساحة السياسية العراقية ، واعتقد انه لايستطيع احد ان يتجاوز رئيس وزراء مملكة العراق الباشا نوري سعيد الذي شغل منصب رئاسة الوزراء في المملكة العراقية 14 مرة بدآ من وزارة 23 اذار1930 إلى وزارة 1 أيار 1958خلال القرن الماضي. وهنا قاطع احد (الركاب) المعلم قائلا ( استاد يعني نوري سعيد اربع طعش مرة صار رئيس وزراء .... حيل لعد شكو بالين هذا المسكين الي يريد دورة ثالثة) ، وعند هذا الحد تدخل فرحان الغضبان قائلا ( عمي ارجوك لا تحجي خلي الاستاد يكمل) ، واكمل المعلم المتقاعد كلامه قائلا لقد قرأت في القراءة الخلدونية للصف الاول الابتدائي موضوع ( من قاد بقرنا ...... قدوري قاد بقرنا) وتذكرت انه اثناء قراءة هذه الجملة سأل احد التلاميذ معلمنا قائلا ( استاد شنو يعني بقرة) فرد عليه المعلم البقرة تعني ( هايشة يا مهتلف ) فرد عليه التلميذ (استاد مهتلف شنو معناها) فرد عليه المعلم ( مهتلف يعني مهتلف) واضاف المعلم ( يا حظ المهتلف) ومنذ ذلك اليوم عرفنا ان البقرة تعني ( هايشة) والمهتلف تعني ( مهتلف) وعرفنا ان (حظنا مهتلف) ، ولو اني الى هذه اللحظة ابحث عن معنى مهتلف لكن لم اجد مصطلحا لغويا لهذه المفردة ، ولكن وجدت مثلما وجد الكثير غيري وجدت ان لها مصطلحا معنويا يعني ان الامور ( مهتلفة) ، فضكك جميع ركاب الكوستر وقالوا (استاد دمك خفيف ضحكتنا رحم الله والديك) ، واضاف المعلم المتقاعد كنت اتوقع ان جملة ( من قاد بقرنا) وضعت اعتباطا ولكن في الحقيقة لم تكن جملة اعتباطية ، لاني اجد انه ربما اريد من خلال هذه الجملة الوصول بجيل الامة (الاطفال ) الى قناعة ان (قدوري) قاد خيراتنا وقاد زمام امورنا ولكن ليس القيادة التي ننتظر منها ان تهب لنا (بقرتنا) حليب وسمن وفير ، لانه قيادة البقرة بحاجة الى دراية ومعرفة كافية بكل تفاصيل الامور صغيرها وكبيرها ، بسيطها ومعقدها ،وهذه البقرة التي تناوب على قيادتها العديد من ( القدوريين) لم تكن قيادة سليمة بمعنى ان القيادة كانت ذات اوجه مختلفة فمرة كانت قيادة بطيئة جدا جدا بحيث (البقرة ) اصابها اليأس وعجزت عن مواكبة تقدم ( أبقار) المنطقة ، ومرة اخرى كانت قيادة ( البقرة) قيادة طائشة الامر الذي ادى بالبقرة ان تكون هزيلة مريضة نحيفة وبين البطيء والتهور في قيادة ( بقرتنا) رحل قدوري ليحل محله ( قدادرة) كثر تناوبوا على قيادة البقرة التي كانت ذات يوم ( صفراء فاقع لونها تسر الناظرين).ويتابع المعلم المتقاعد كلامه اذا عدنا الى القدوري الاول في قيادة البقرة او ما سمي اصطلاحا (نوري باشا) نجد ان القيادة في ايام الباشا كانت مقيدة ولها حقوق وعليها واجبات وان القيادة لا يمكن ان تتم بعيدا عن الارادة (الملكية) واعتقد المقصود بهذه الارادة هي ارادة (المملكة التي لا تغيب الشمس عن اراضيها) وتنفيذ الارادة يتم عن ( قائد البقرة) ، هذا القائد الذي كان ومازال وسوف يبقى يقود بقرنا ولكن ليس بأردادة البقرة ولكن بارادة (الارادة العظمى) ، ومثلما كان نوري يقود حسب توجيهات الارادة الملكية بقى نوري يقود الى يومنا هذا ولكن هذه المرة حسب توجيهات الارادة العظمى ، انا لاريد ان تذهبوا بعيدا عند مفردة ( نوري) وربما هناك من يفسرها على انها نور واخر يفسرها على انها (مطب ) كبير وذلك بعد (قلب حرف النون الى باء).وينهي المعلم المتقاعد قوله اخيرا يجب ان نعرف ان البقرة عند ابن الريف تعد مصدر خير وسعادة ورزق وفير وهذا الخير والرزق نجد انعاكاساته عند ابن المدينة الذي غالبا ما يتلذذ بمشروب( الحليب) عند الصباح وكذلك عمل ( المحلبي) خصوصا في ايام شهر رمضان المبارك .وعندما اكمل المعلم المتقاعد حديثه قالت امرأة من الركاب اعتقد ان واضعي مواضيع القراء الخلدونية للصف الاول الابتدائي كان الاجدى بهم ان يكتبوا ( نوري قاد بقرنا بدل قدوري) ولكن ربما عذرهم انهم لايريدون ان يلصقوا تهمة اخرى لنوري وهي تهمة اين بقرتنا؟! .وفي هذه اللحظة تدخل سائق الكوستر فرحان الغضبان قائلا ( خالة شنو هذا الحجي مو الاستاد تكلم كلام جيد وموزون وما بي اي سياسة ) ثم اعلن الغضبان الوصول الى نهايبة الخط وذلك بعد ان تلفت ذات اليمين وذات الشمال بحثا عن البقرة المفقودة .
https://telegram.me/buratha