حيدر عباس النداوي
قبل اربع سنوات او اكثر اطلق الراحل السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله مشروعا جوهريا له تماس مباشر بطبيعة تركيبة المجتمع العراقي والوضع المستقبلي وتداعيات التغيير والسنن والاعراف التاريخية الممزوجة باخطاء ونظريات لا تستند الى الواقع الفعلي لتركيبة المجتمع العراقي تمثلت بالدعوة الى انشاء اقاليم مدعوما بنصوص دستورية وقانونية دون ان يحدد السيد الراحل شكل وحجم الاقليم بل ترك الامر لابناء الشعب العراقي لاختيار الاقليم وحجمه وزمانه.
الا ان دعوة السيد عزيز العراق جوبهت بحملة منظمة من التشكيك والتسقيط وصلت الى حد اتهامه بالعمالة والطائفية والسعي لتقسيم العراق بناءا على أجندات خارجية وتحديدا أجندات صفوية إيرانية حتى تكون مناطق الوسط والجنوب تابعة للدولة الفارسية ولم تكن الهجمة من طرف واحد بل اشترك الجميع باستثناء الاخوة الكرد الذين يرون في الاقاليم متنفس ومنطلق نحو الاستقرار والامان والحرية وهذا ما تم تجسيده على ارض الواقع في مناطق الاقليم ولا يمكن انكاره من اي طرف او مكون اما الاخوة من ابناء المكون السني فقد ارتفع منسوب الوطنية والوحدة في رؤسهم حد الفيضان
فكانوا الاشد في التهجم والرفض شاركهم وبنفس السياق الاخوة الدعاة دون ان يشذ السيد مقتدى الصدر عن هذا المنهج ولكن بمبررات تختلف قليلا،وهكذا توقف مشروع الفدرالية المناطقية الادارية ولم يرى النور في وقت كانت البيئة العراقية مهيئة بطريقة مثالية للشروع بتنفيذ هذا المبدأ الدستوري والحق الشعبي خاصة وان النفوس لم تتلوث بعد والمطالب لم تكثر والبعث لم يعود والعرب لم يتدخلوا والأجندات الخارجية لم تعمل بما تعمل عليه اليوم.
غير ان الاحداث والازمات الاخيرة وما قبلها فضحت الآخرين رغم نفاقهم وعادوا الى ما نهوا عنهم وطالبوا وعلى رؤوس الاشهاد ان يصار الى تشكيل الاقاليم معترفين على مضض ان رفضهم الموافقة على تشكيل الاقاليم من خلال دعوة السيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه كان خطأ كبيرا ومركبا ولم يكن ينم عن وعي وادراك وانما كان بناءا على حقد وجهل وهذا المبدأ لم ينطلق من مكون واحد بل تحدث فيه بصراحة الاخوة والاشقاء من الشركاء في العملية السياسية ،فدولة القانون اعترفت بان انشاء الاقاليم كان هو الحل الافضل والمكون السني ومن خلال وجوه القوم وعليتهم من امثال النجيفي والعيساوي ذهبوا الى ما هو ابعد من ذلك عندما طالبوا بتشكيل اقليم سني حصرا وتحدثوا بنفس طائفي لم يسبقهم اليه احد بل رفضوا اي فتوى تقف بوجه هذا المشروع الحلم الممول من قبل دول الخليج وتركيا مع العلم ان انشاء اقليم سني يعني ان الاخوة يبيتون امرا ما لكنه غير خافي على الجميع.
الاسوء من كل هذا ان النجيفي والعيساوي يجدون في مشروعهم الحلم منطلق لتحقيق الذات للجمع السني في رفض حكم الاغلبية الشيعية ومن اجل ذلك فان الوحدة والعراق والوطنية اصبحت عناوين ثانوية وان الكلام بغير الاقليم امر مرفوض حتى لو كانت فتوى دينية لرجل معروف من ابناء الطائفة السنية.
بالامس كانت فتوى رجال الدين من الاخوة السنة تشدد على حرمة الاقاليم اما اليوم فان مثل هذه الفتوى تخرج رجل الدين من السنة والجماعة وتجعله مطلوبا ومطاردا وهذا ما جرى لعبد الملك السعدي الذي غاب عن الانظار واختفى بعد تلقيه تهديدات بالقتل وانتقادات من النجيفي والعيساوي .
https://telegram.me/buratha