بقلم/ ضياء رحيم محسن
يتذكر الكثير منا كيف كانت أمهاتنا تقوم بترقيع ثيابنا، لأن أبنائنا ليس لديهم القدرة على توفير المال الكافي لشراء الملابس الجديدة؛ في حين إن الأغنياء فقد كانوا يعيشون في بحبوحة وبالتالي لم يكن يشغل بالهم كيف يتدبرون المال اللازم لشراء مايحتاجون. الأمر الذي يجعل من حياتهم تسير بإنسيابية بدون أن يعكر صفوها شيء.مثل هذ المقدمة يمكن إسقاطها على الدول، كوننا قرأنا في الإقتصاد عن وجود إقتصاد جزئي وإقتصاد كلي، فالإقتصاد الجزئي الذي هو إقتصاد الفرد بالدرجة الأولى والمشاريع كل على حدة؛ في الوقت الذي يتألف الإقتصاد الكلي من مجموع هذه الإقتصادات الجزئية، وعليه عندما تكون هناك دول فقيرة سيكون لدى حكومتها العذر في عدم تأمين ما يحتاجه ابناء البلد بالقدر الكافي ، حيث تقوم بما يشبه عملية التقشف في تأمين تلك الإحتياجات، لكن هذا الحال لا يمكن تطبيقه على الدول الغنية، كونها تملك القدرة على تأمين إحتياجات الحياة اليومية لأبناء بلدانها!!فهل يمكن بالتالي تبرير تقاعسها في عدم توفير تلك الإحتياجات؟في بلد كالعراق بميزانية تصل الى أرقام فلكية، نلاحظ أن كل شيء تقوم به الحكومة هو عبارة عن ترقيع× ترقيع، فلا نكاد عن إفتتاح مشروع حتى نسمع عن عمليات الفساد التي شابته أو تشوبه، بسبب أن الشركة المنفذة لم تكن رصينة إضافة الى عدم مطابقة تنفيذ المشروع للمواصفات الفنية التي تم توقيع العقد على أساسها. والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى وأدراج هيئة النزاهة ممتلئة بمثل تلك المشاريع، هنا لابد من تشخيص الخلل أين يكمن؟إن الخلل يكمن في عدم وجود دور رقابي رصين مُحَصْن ضد عمليات التهديد والوعيد وكذلك عمليات تقديم الرشاوى والهدايا التي يقدمها المقاولين مقابل التوقيع على كشوف المشاريع الغير مطابقة للمواصفات. إن الحل يقوم على أساس تهيئة كادر رقابي محصن من مثل تلك الأساليب من خلال توفير الحماية القانونية وكذلك تشريع قانون يتم بموجبه مساءلة كل موظف مكلف بخدمة عامة عن أمواله من اين إكتسبها، خاصة إذا كانت غير منطقية، على أن يشمل جميع من يعيلهم بصورة مباشرة.والله من وراء القصد.
https://telegram.me/buratha