في مقاربة استكشافية، أطمح هنا وفي هذه المساحة الصغيرة لتكوين فهم أولي لما يحدث حولنا ويؤثر فينا . واستند في التوصل إلى نتائج مضمونة بمقاربتي إلى نباهتكم وفهمكم الذي لا أشك بصحته...فعقل الشعوب لا يقود إلا إلى الصحيح، لأنها تتحرك وفقا للمصلحة الجمعية..وهي مصلحة تتسق مع الفطرة الإنسانية وفقا للتوصيف الإسلامي الذي أعتنقه، أو مع تطلعات الشعوب وفقا للتوصيف العلماني الذي يعتنقه المنفصلون عن أرث شعبنا...
وسأرتب الأولويات على شكل أسئلة تجيب عن نفسها؟!..هل كان صدام ونظامه سوءا خالصا أم حسناً خالصاً؟!..أقول "خالص" إذ ليس من منطقة وسطى ما بين الحسن والقبيح، ومخادع من يقول بغير هذا..مثلما ليس بين السلم والحرب من منطقة وسطى، وأذا قيل أنها "الهدنة" ، أقول أنها تقود في نهاية المطاف إلى السلم في أغلب الحالات، والى الحرب مرة ثانية في حالات أقل، والهدنة لا تعني غير الجمر، والجمر يسعر نارا في أية لحظة..!
حسنا،هل كان نظام صدام ومن تبعه يتحركون بلا عقيدة؟!..السؤال ليس ساذجا ولن تكون الإجابة عليه بأنه كان يتحرك بعقيدة البعث، فالبعث ليس عقيدة منفصلة، بل هو جزء من عقيدة أشمل وأوسع وأقدم وأكثر تجذرا ورسوخا..والصدامية ـ كعقيدة، وسلوك وممارسة ـ تسبق صداما بكثير، بل أن صدام نفسه ليس إلا "برغي" في ماكينتها الضخمة، وهي في كل عصر تأخذ اسمها من أسم من يطبق تفاصيلها بحذق وأمانة، بل وبأصالة أيضا إن صح القول..!
وهي في حالات كثيرة تتحول إلى وباء جمعي يجد من يتعايش معه ويتقبله، على الرغم من العاهات التي يسببها للجسد الجماعي، بل وتجد من ينظر لها ويعتبرها هي الأصل الأصح في التعاملات، ومنها نظرية الغلبة التي دست في الفكر والعقيدة الإسلامية بشكل مخالف حتى لأصل العقيدة القرآني: وأمرهم شورى بينهم..
نظرية الغلبة التي يعتنقها عتاولة الفقهاء الوهابيين والسلفية، تقول بوجوب طاعة الحاكم المتغلب بالسيف على كرسي الحكم!! ووفقا لهذه النظرية جرى ويجري تعايش وتخادم غريب بين "الأمير" و"الشيخ"..
"الأمير" يملك البلاد والرقاب والعباد، بل يتعين على "مواطني" البلد الذي يتغلب فيه الأمير أن يتخلوا عن أصولهم وأنسابهم وانتماءاتهم القبلية والعشائرية ويتسموا بما يراه الأمير ويرضاه لهم.."الشيخ" يمتلك العقول ويسيطر عليها ويوجهها ، ولكن لمصلحة الأمير الذي هو ولي الأمر الموجوب الطاعة فجر أم صلح...
جزيرة العرب أو بلاد نجد والحجاز أمحيت من ذاكرة الشعب هناك، وتوجب على هذا الشعب أن لا يقول أنا حجازي أو نجدي أو نجراني ...بل باتوا "سعوديين " مجبرين على التخلي عن "شمر" و" قريش" و" عنزة" و "بني أسد" و"ربيعة" و" كنانة" بل وحتى عن عدنان وقحطان...!
وتتذكرون كيف حول صدام أسماء مدننا إلى مسميات تحمل أسمه...صدامية الكرخ، صدامية القرنة..مدينة صدام....
كلام قبل السلام: إذا جن ربعك, جن معهم !
سلام.....
https://telegram.me/buratha