بقلم : نائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي
خرج حكيمٌ وولده لوادٍ تحيطه الجبال.. تعثر الولد وسقط فصرخ بصوت متألم.. "آآآآه"، فاذا به يسمع من يشاطره الالم بصوت مماثل.. "آآآآه".. نسى الولد الألم وصرخ بصوت اعلى.. "ومن انت؟" فجاءه الجواب مكرراً.. "ومن انت؟"
انزعج الولد من التحدي فرد بصوت اعلى.. "بل انا اسألك من انت؟" فجاءه الرد بنفس الجفاء والحدة مكرراً مرات عديدة.. "بل انا اسألك من انت؟"فصاح الولد غاضباً باعلى صوته.. "أنت جبان.." فكان الجواب من جنس العمل.. وبقوة اعظم اذ تتالت عليه اصوات من كل مكان "انت جبان.."لاحظ الاب حيرة ولده واراد ان يعلمه درساً، فطلب ان ينتبه للجواب هذه المرة، وصاح.. "اني احترمك".. جاء الجواب من جنس العمل ايضاً.. وبنفس الوقار "اني احترمك". عجب الابن من تغير لهجة المجيب..
ولكن الاب اكمل المساجلة بصوت اعلى "كم انت رائع"..فتكرر الرد مرتين وثلاث، "كم انت رائع". ذهل الولد، ولم يفهم سر التحول.. ولاذ بالصمت ينتظر تفسيراً. علق الاب الحكيم.. "أي بني نحن نسمي هذه الظاهرة الطبيعية بـ"الصدى".. لكنها في الواقع هي الحياة بعينها.. فالحياة لا تعطيك الا بقدر ما تعطيها واكثر.. ولا تحترمك الا بمقدار ما تحترم نفسك واكثر.. الحياة مرآة اعمالك وصدى اقوالك.. اذا اردت ان يحبك احد فأحب غيرك.. وإذا اردت ان يوقرك احد فوقر غيرك.. واذا اردت ان يرحمك احد فارحم غيرك.. واذا اردت ان يسترك احد فاستر غيرك.. واذا اردت الناس ان يساعدوك فساعد غيرك.. واذا اردت الناس ان يستمعوا اليك ليفهموك فاستمع اليهم لتفهمهم.. لا تتوقع من الناس ان يصبروا عليك الا اذا صبرت عليهم.. اي بني هذه سنة الله التي تنطبق على شتى مجالات الحياة.. وهذا ناموس الكون الذي تجده في جميع تضاريس الحياة.. ستجد ما قدمت وستحصد ما زرعت" واكثر.
كذلك السياسة..من يريد ان يأخذ، عليه ان يعطي.. لا توجد علاقة احادية، إما آمرة او مأمورة. فمن اراد الإمرة، عليه ان يقبل بالمأمورية.. ومن اراد حكم الناس، عليه ان يقبل بحكم الناس.. ومن اراد ثقة الناس، عليه ان يثق بالناس.. ومن اراد ان يصدقه الناس عليه ان يصدق الناس. "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره.. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره".
https://telegram.me/buratha