حسين ناصر الركابي
لاشك ان نستلهم الدروس والعبر من سيرة الرسول الكريم( صل الله عليه واله وسلم) ونجعلها منارا في جميع مفاصل حياتنا واهم ركيزة في حياة الإنسان هي الأخلاق إذنالأخلاق جمع خلق والخلق هو صفة راسخة في النفس تدعوها إلى فعل الخير أو فعل الشر كالشجاعة والجبن والظلم والعدل والكرم والبخل...الخ، وبهذه الصفة يمتاز الإنسان عن سائر المخلوقات كافة إذن ماعدا الإنسان لا يدرك قيمة هذه الصفة ولا يهتم بها من هنا صح القول أن الأخلاق قيمة إنسانية. قال رسول الله ) صل الله عليه واله وسلم) انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن الأخلاق الكريمة هي الهدف الأسمى لبعث الأنبياء (ع) وقد جاء السابقون منهم ببعض هذه الأخلاق وجاء رسول الله(صل الله عليه واله وسلم) ليتمم ما نقص منها ويبيّن ما لم يبيّنه من سبقه من الأنبياء.وإذا كانت مكارم الأخلاق هدف الأنبياء فمعنى ذلك أن تكامل الإنسان هو الهدف الأسمى من خلقه لا يكون إلاَّ بواسطة التحلّي بهذه الأخلاق، ولهذا بعثهم الله تعالى ليبيّنوها للناس وليطبقوها أمامهم ليكونوا مُثُلاً اعلى ونماذج حيَّة يقتدى بها، وقد بلغ رسول الله(صل الله عليه واله وسلم) أعلى رتبة من رتب التكامل الإنساني بأخلاقه السامية حتى استحقَ مدح الله تعالى بقوله ، انك لعلى خلق عظيم''هدف الإسلام كدين من الأديان السماوية أن يبني الإنسان من جميع نواحيه، فشرَّع لأجل ذلك أحكاماً ووضع قوانين وتوعَّد من خالفها بالعقوبة ووعد من وافقها بالأجر والثواب، كل ذلك من أجل أن يحمله على التحلي بالقيم السامية والأخلاق الفاضلة، فالعمل بالأحكام الشرعيَّة يشكّل الحد الأدنى من هذه الأخلاق.فلابد من القيام بعملية بناء الإنسان والتكامل البشري من خلال التحلّي بالأخلاق الكريمة التي تلزم الانسان من تلقاء نفسه رغبة في الوصول إلى مقام العبودية الحقيقيَّة لله تعالى وخلافته في الأرض، ونيل الأجر الجزيل والثواب العظيم على تطوعه هذا، وفي هذا الميدان يتفاضل البشر شرفاً وسمواًً، فمن بلغ أعلى مراتبها بلغ درجة الكمال كالنبي واله (ع) ثم الأدنى فالأدنى.أن عملية التكامل لا يمكن لها أن تنطلق في طريقها الصحيح إلاَّ من خلال تهذيب النفس وتصفيتها من شوائبها أولاً ثم تزيينها بمكارم الأخلاق ومحاسن الطباع، وهذا ما يستلزم المرور بمرحلتين:المرحلة الأولى.. حيث يترك فيها الانسان ما علق فيه من خبائث الطباع ورذائل الأخلاق، وذلك ضمن عملية ترويض للنفس وقهرها وتطهيرها من الأدران والأوساخ المسماة بالصفات المهلكةواما المرحلة الثانية.. وهي عملية إعادة بناء الانسان من جديد على ضوء ما جاء به الأنبياء والأئمة المعصومون (عليهم السلام ) من الدعوة إلى التطبّع بطباع فاضلة وتزيينها بمكارم الأخلاق المسمَّاة بالصفات المنجية.
https://telegram.me/buratha