عبد الكريم ابراهيم
الانشداد الى الماضي أمر مازال يغلف بعض العقليات العربية حيث لاتخلو ندوة حوارية الا من العودة الى اشكالات الماضي وتاريخه الذي يلفه بعض غموض النقل . العراقيون كجزء لايتجزأ من تلك العقلية العربية المتوارثة التي تحاول الاتكال على عصا الماضي للنظر في عيون الحاضر ،وهو امر يجعل العودة الى دهاليز التاريخ التي لا تنته والنتيجة مشاحنات وضغينة لايكاد البعض الا ان يصدح بها علنا تحت ضغط معين.بعد عام 2003 اصبح الوضع مختلفا ، عراق متعدد القوميات والمذاهب حقيقة يجب التعامل معها ولايمكن تغليب جهة على اخرى واستثأرها بالسلطة لان مرارة الماضي مازالت في حلق البعض . هذه الحقيقة جعلت الجميع يفكر في كيفية بناء دولة في ضوء مجريات اليوم ؛حيث لايمكن الشيعية ان يمسكوا بزمام الحكم و لايمكن للسنة التفرد في بحكم دولة متعددت الطوائف والقوميات كما حصل في السابق . اما الشريك الثالث الاكراد فهم اقل قلقا بفضل مكاسب الفيدرالية التي لايمكن التفريط بها مع هذه الاستقلالية فان هناك حالة من تجاذب مابين المركز والاقليم حول قضايا عديدة ولعل قانون النفط والغاز والمناطق المتنازع عليها تاتي في مقدمة مايحكر حالة الصفاء لشركين مهمين في المعارضة العراقية فيما سبق. اذا الوضع العراقي يسوده عدم الاستقرار لجميع مكوناته لشعورها في عدم حصولها على مكاسب تستحقها في ضوء الماضي والحاضر . هذا الشعور وانعدام الثقة ولد حالة من التمادي في ازاحة الطرف الاخر ولعل دخول اطراف خارجية ساهم الى حد بعيد في تأجيج الوضع الساخن . النتيجة لكل ما حصل وسيحصل اليوم عدم رضا الجميع فيما حصل عليه وشعورهم بالتهميش مع وجود ممثلين لهم في الحكومة والبرلمان . هذا الامر دفع الى القفز على الحواجز لتخطي الاخر وبالتالي استهلكت الحكومة ومعها البرلمان اغلب عمرهما في معالجة الوضع السياسي دون الاهتمام بمصالح المواطن العراقي البسيط الذي بدت عليه نقص الخدمات وانتشار الفساد الاداري في الكثير من مفاصل الدولة ،وساندت منظمة الشفافية الدولية هذه الحقيقة من خلال ادراج العراق ضمن بلدان الاكثر فسادا .الحل يكمن في ان يتعامل العراقيون مع الوضع الحالي بنوع من العقلانية البعيدة عن الاقصاء ومد جسور الثقة والمكاشفة والابتعاد عن الوسطاء الخارجين لتقريب وجهات النظر مع الايمان بضرورة مشاركة الجميع في حكم البلد مع الغاء رواسب الماضي وجعل القانون هو الفيصل في حسم بعض الخلافات .
https://telegram.me/buratha