زيد الحلو
عاشت الامة الاسلامية في الايام التي مضت من (12 - 17) ربيع الاول ولادة منقذ البشرية من الظلمات الى النور والذي تمثل ولادته ايضا حدثا تاريخيا ومهما في مسيرة البشرية ارتباطا بالمهمة الالهية العظيمة التي انيطت بالرسول المنقذ , فلم تكن ولادة طبيعية شأنها شأن اي ولادة بقدر ما هي جزء من مشروع رباني إلهي والخطوة الاولى في مسيرة ذلك المشروع المراد له ان يتواصل مع تواصل الحقب والاجيال من خلال من يحمله ويمثله حقيقةً وليس فقط بالشعارات والخطب . فكان النبي (ص) رمزاً للوحدة والتكاتف والتعايش بين عموم المسلمين على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم لذلك لم يكن غريباً ان تنطلق خلال هذه الولادة الكريمة مبادرات خيرة لاستثمار تلك المناسبة لأظهار الوجه الحضاري والجوهر العميق للاسلام والتأكيد على ان خاتم الانبياء والمرسلين كان ومايزال وسيبقى هاد ومرشد ودليل لكل المسلمين بل لكل البشرية جمعاء , فكانت واحدة من المبادرات التي اطلقها الراحل عزيز العراق سماحة السيد عبدالعزيز الحكيم (قدس سره) بأختيار الاسبوع الذي تصادف به ذكرى ولادة الرسول الكريم محمد(ص) اسبوعاً للمودة والمحبة والوحدة والتي كان لها اثراً كبيرا على الساحة العراقية في اشاعة أجواء ايجابية بين أبناء الشعب العراقي وخصوصا بعد الاحداث المؤسفة التي شهدها العراق عقب سقوط النظام الصدامي المجرم بفعل اجندات ومشاريع خارجية معادية . وبتقدم الاعوام عاما بعد الآخر وحال شعبنا العراقي المظلوم كما هو عليه من سيء الى اسوأ حيث المعاناة والمأساة في تفاقم وازدياد وتوالي الازمات , ولم ترَ مطالب المواطنومستحقاته الضرورية النور بعد مضي عشر سنوات والى يومنا هذا ولم يرى او يسمع الشعب العراقي سوى الوعود والشعارات الفارغة . وفي ظل تفاقم الازمة التي يمر بها العراق الآن وما تشهده العملية السياسية الفتية وماتواجهها من تحديات ومخاطر كبيرة من بقايا النظام البائد وبعض الاجندات التي لاتريد الخير للعراق واستغلال الاوضاع لضرب العملية واثارة الفتن الطائفية , فجاءت كلمة السيد عمار الحكيم في مؤتمر الوحدة الاسلامية بمناسبة المولد النبوي والذي نظمه المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب والذي عقد في طهران مكملة لمبادرة عزيز العراق (رحمه الله) والتي كان لها وقعاً خاصا في المؤتمر لما تحمله من رؤية واضحة عن علاقة المذاهب الاسلامية فيما بينها وعن الطريق الذي يجب سلوكه للوصول الى فهم وتقبل احنا الآخر وبالتالي الى جعل الوحدة الاسلامية حقيقة على الارض وليست سوى شعارات حماسية وخطابية فقط . وكذلك اكد سماحته الى سعيه في توحيد الصف الشيعي وتقوية التحالف الوطني ليأخذ دوره في حلحلة الازمة الحالية التي تعصف بالعراق وليكون هذا التحالف هو المرجع السياسي لكل الحلول وكذلك التأكيد المستمرعلى اعادة التحالف الشيعي الكردي الاستراتيجي الى سابق عهده وتقويته من خلال اذابة الجليد الذي يشوب العلاقة بين الحكومة والاقليم وللوصول الى الحلول المرضية لكل الاطراف وهوليس تحالفا ضد أخواننا السنة وانما يراد منه احتواء الاخوة وقبولهم كشركاء حقيقين في هذا البلد , وبين كذلك ان رؤى المرجعية الدينية والتي تمثل امتدادا للرسالة النبوية السمحاء ولنهج الائمة الاطهار (ع) والتي جاءت على غرار مواقف شهيد المحراب في التأكيد على وقوفها مع مطالب المتظاهرين المشروعة في زرع الوحدة والمودة بين اطياف الشعب العراقي على العكس توجهات ومواقف بعض الاحزاب والتيارات والتي لم تلتزم بتوجيهات المرجعية , وارادت ان تكون جميع الحلول تنطلق منها بعيداً التحالف الوطني محاولة في الكثير من مواقفها الى تجزئة التحالف وتقديم الكثير من التنازلات الكبيرة دون الحصول على النتائج التي تريدها متناسياً بأن قوة التحالف بوحدته في اتخاذ القرارات المصيرية واعتباره المرجعية السياسية لمايقدمه من حلول واقعية ومقبولة من قبل جميع الاطراف وعدم التفرد في الرأي الذي سيؤدي الى خسائر وامور لاتحمد عقباها . وهذا مارأيناها في عدم تطبيق النقاط التي رسمتها المرجعية الدينية من خارطة طريق لحل الازمة الكبيرة والتي تعتبر اساسها داخلي والطريق الى حلها بالجلوس على طاولة الحوار بين جميع الاطراف والاحتكام الى الدستور والقانون . ولكن مع الاسف نجد اطرافا من التحالف الوطني ترفض الاعتراف بان هناك أزمة حقيقية وان الامر بسيط ويستطيع حله وأخذ يحشد ويصعد بالمواقف من خلال الجماهير وهذا ما رفضته المرجعية في نقل المشاكل واشراك الجماهير بذلك لكي لا تحول المشاكل السياسية الى طائفية ليحصل فيها على مآرب اخرى ونحن على ابواب الانتخابات . فعلى هذه الاطراف مراجعة نفسها في كل الامور التي تطرحها والتي يحاول فيها انقسام التحالف الوطني والالتزام بتوجيهات المرجعية الدينية والتي تعتبر الممثل الحقيقي للشيعة والتي ينتمي لها (ان كان شيعيا) والتي تحاول اشاعة مفهوم ان المرجعية لن تتدخل بالشأن السياسي ولكننا رأينا بأم العين بأن الواقع عكس ذلك تماما واثبتت خلال مواقفها وتحركاتها انها على دراية وتواصل وحاضرة بالمشهد السياسي العراقي أولاً بأول لكنها لن تتدخل الا عندما تشعر ان هناك امراً خطيراً يتعلق بالعراق ككل لأننا ندرك جيداً مسددة ربانياً لأنها كما قلت امتداد للرسالة النبوية الألهية , فقد اكدت مؤخراً على الاسراع بالتصويت على القوانين المعطلة كالمحكمة الاتحادية والموازنة الاتحادية لأن أي تأخير في ذلك سيسبب ضرراً كبيراً على الاقتصاد العراقي وفي مدخلات المواطن وان تتلائم الموازنة وحاجة الفقراء وفي خدمتهم وكذلك عدم اطفاء السلف الحكومية بدون سند قانوني والتي بلغت في العام الماضي (35) مليار دولار!!! وحتى لايستغلها المتظاهرون في الجمع المقبلة بعنوان ان هناك اخطاء كبيرة ارتكبتها الحكومة في ادارة الدولة وتكون ذريعة لها في سحب الثقة عنها . فالعراق اليوم يقف بين مفترق طريق قد ينتهي بأن يغادر كل طرف الى الجهة التي لايريدها ولم يفكر بها , لكن مازال متسع من الوقت وفي النفوس أمل وفي الرجال نخوة في الرجوع الى منهج الرسالة المحمدية وقد يكون في استذكار اسبوع الوحدة ومبادئه والتي دعا لها في الوحدة , وعلى الشعب عدم الانسياق وراء تجار الازمات الذين يريدون من اثارتها وتوسيع دائرتها سبباً في سيطرتهم والحفاظ على مصالحهم واحلامهم بالاستمرار.
https://telegram.me/buratha