ربما لحكمة أرادها من بيده مفاتح الحكمة أن أنتظر ثلاثة أرباع عمري حتى أشهد سوء عاقبة "لعملاق" من عمالقة الشعر العراقي...فالرجل، وأعني به الشاعر المغترب سعدي يوسف سقط للتو بالضربة القاضية الفنية التي سددها لنفسه، وكما تعلمون أن من يضرب نفسه فإنه بمصاف المنتحرون، والمنتحرين ساءوا سبيلا...
غيري عبر عن صدمته عندما وقعت تحت يده قصيدة "الفلّوجةُ تنهضُ" لسعدي يوسف هذا الشاعر الشيوعي الذي أغترب عن العراق بقصة لا يعرفها إلا القليلون...
قبل أن يخرج سعدي من العراق كان مديراً في وزارة الثقافة، وكان من أساطين الشعر المقربين من ميشيل عفلق، وسعدي وإن كان شيوعيا أو ماركسيا لكنه لم يكن مطاردا من قبل نظام البعث، ولو كان كذلك لنال النصيب الذي ناله الأنقياء منهم وهم أندر من حبات اللؤلؤ في الصحراء..! ولمن لا يعرف؛ فإن سعدي كان صديقا حميما لشفيق الكمالي شاعر النشيد الذي صار وطنيا "شعلة البعث صباحي"..
وحينما خرج من العراق كان خروجه مثلما خرج أمثاله! .. فقد خرجوا من مطار بغداد الى براغ وغيرها تحت أنظار المخابرات العراقية التي سمحت بخروجهم، ولم تعتقل أيا منهم لأغراض مجهولة، يعرفها قلة لو نطقوا فسيسدون جميلا للتاريخ! لكنهم لا يستطيعون لأنهم مثله سيدينون أنفسهم.. والدليل أن خروجه كان بمباركة من ميشيل عفلق وبتأييد من شفيق الكمالي والذي عينه حينها، وقد خرج بعد تعيين بعثي آخر مكانه وتنسيبه هو كمساعد مكتبة في احدى الوزارات.
ومنذ أن خرج سعدي وهو يؤكد لا عراقيته، بل ويفخر بحمله الجنسية البريطانية وله قصيدة في ذلك.... و(العراق لم يعد وطني) عبارة كان يعلنها في مؤتمر صحفي في احدى الدول العربية، مشيرا انه حصل على الجنسية البريطانية، وانه الان مواطن بريطاني!! وسوف يخلص لهذا الانتماء الجديد ويتفاعل بحرارة مع هذا الانتماء (الوطني) الجديد، وان العراق لم يعد وطنه.!.
هذا هو سعدي، وهو الآن قد شاخ، ومع أن معظم الشيوخ يكتنزون الحكمة، لكن منهم من يصاب بالعته والهذيان، وسعدي بلا الأسف منهم...ومن سوء عاقبته أنه أسوأهم لانه أكثرهم سقوطا...
قصيدته الأخيرة التي كتبها بلغة القاعدة والملثمين وشتم فيها السيد السيستاني ومجد سيوف الملثمين ، لا تعبر عن هذيانه فحسب، بل تؤكده..!
في قصيدته هذه كان مثلما هو دائما، وأساء الى الفلوجة الباسلة قبل أن يسيء الى من توهم أنه قادر على الأساءة اليهم، أو إعتقد أنهم سيعيرون بالا لأساءته..فقد تلقوا قبلها سيولا من الأساءات، لكنهم سكتوا عنها سكوت الحكماء...والنتيجة أن سعدي كشف عن طائفيته التي لبس عباءة يسارية فوقها نصف قرن من الزمان...!
والرجل منذ أن لبس قرطا في أذنه ـ على كبرـ بدا وكأنه قد إنفصل نهائيا عن العراق وأهله، فعلى كل حال ليس بين العراقيين من يلبس قرطا، ومن لبسه منهم قبل آلاف السنين كانوا عبيدا، سعدي كان عبدا لأهوائه وشهواته وزجاجة خمره..أو أنه يعاني من أضطراب نفسي ربما يبرر إنحرافه الفكري..بل ويدل على أنه فقد توازنه، هذا إذا كان متزنا يوما ما..وقرطه عنوان تمرده حتى على نفسه قبل أن يتمرد على مبادئه..هذا إذا كان ما هذى به جزءا من منظومة المباديء التي صدعنا هو وأمثاله من قارعي الكؤوس، بالحديث عنها قرابة نصف قرن من الزمان...
كلام قبل السلام: معظم قرون تيوس العنز الجبلية مكسورة .لإنها تنطح الجبال...
سلام...
https://telegram.me/buratha