حافظ آل بشارة
التظاهرات في بعض المحافظات ليست شرا مطلقا ، فيها وجه مشرق ، لكن بعض الناس يرون الحدث من زاوية واحدة ، مثلهم كمثل المصور المقعد على كرسي ، يلتقط صورا من زاوية تصوير واحدة ولا يرى الوجوه الأخرى للمنظر والتي قد تكون أجمل ، هذه التظاهرات اثبتت ان العراق قد خرج من جمهرة الانظمة الاستبدادية وان تجربته تهدد الكثير من حكام المنطقة ، فالناس يتظاهرون في الشارع مطالبين بحقوقهم ، والدستور يحميهم ، والحكومة تهتم وتشكل لجانا للمتابعة ، وكثير من وسائل الاعلام تنقل وقائع التظاهرات والمطالب وموقف الحكومة وموقف الشارع بمنتهى الحرية دون ان تتعرض لحساب او ملاحقة مع ان بعضها مارس التحريض والانتقائية والكذب ، من التلاقح الحاصل بين موقف الناس وموقف الحكومة ودور الاعلام نحصل على صورة كاملة لنظام ديمقراطي تعمل اطرافه بطريقة صحيحة ، مع وجود تعثر وحالات اعاقة سببها ان التجربة جديدة على الناس والحاكمين ووسائل الاعلام ، فالديمقراطية صنعة وفن وخبرة وتراكم ثقافي وسياسي وتأريخ ، وليس بيت شعر يكتبه طالب في المتوسطة كبيت شعر يكتبه الجواهري ، ولا لوحة يرسمها فائق حسن كلوحة يرسمها رسام مبتدئ ، ادارة الشؤون الديمقراطية في فرنسا لا يمكن ان تكون كأدارة العراقيين لهذه التجربة الجديدة الملغومة بالتخلف والعشائرية وثقافة الطواغيت وانعدام الجبهة الوطنية الواحدة وانعدام الثقافة الديمقراطية ، ومع كثرة الأخطاء فنظام العراق لا مثيل له في المنطقة العربية ، تجربة عراقية رائدة وتحديث لدور العراقيين الرائد دائما ، لاتفهم العواصم البوليسية المحيطة بالعراق هذه التجربة ، يعيرون العراق لأن اميركا كانت راعية لتجربتهم ، ولا ينظرون الى انفسهم كيف استنعجتهم القوى الدولية لخدمة مصالحها ، حتى لو صدق ادعاؤهم فان العراق أخذ من الغرب أفضل ما لديهم من تجربة ، وهم أخذوا الأسوأ ، فهم مجرد حكام قمعيين وحراس آبار نفط وحراس قواعد عسكرية اجنبية ، حراس بلا شعوب ، هم تماثيل شمع من الماضي ، في دولهم يحكمون باعدام الشخص الذي يسب الرئيس او الملك او الأمير ، لا يسمحون بأية تظاهرة أو احتجاج او اي مقال يكتب او كلمة تقال في نقد الحاكم والحكومة ، وهم الذين يوفرون ملاذا آمنا لكل مجرم ومتآمر على العراق ، من تلك العواصم يصرحون بأنهم يريدون اسقاط النظام السياسي في العراق ! الامور تسير بالمقلوب فالحكام الذين تم استنعاجهم دوليا يستأسدون على العراق فيشكلون خطرا على حياته وكرامته ووحدته الوطنية ، تصوروا ان عزة الدوري الجلاد الهارب والذي يرمز الى اسوأ نظام قمعي في تأريخ المنطقة يقف مهددا باسقاط النظام الديمقراطي في العراق ، ويتخذ من حراس القواعد والآبار حاضنة له ، اذا كان المتظاهرون في مدن العراق يحبون وطنهم فعليهم ادانة تلك الاصوات القبيحة ، فالشريف يرفض ان يدافع عنه مجرم محكوم هارب ، عليه ان يرفض وينتفض كي لايتهم بأنه مثله .
https://telegram.me/buratha