حيدر عباس النداوي
مفارقة عجيبة غريبة شهدتها الساحة السياسية والبرلمانية العراقية تلك التي حدثت بإسقاط منحة الطلبة من موازنة السنة المالية لعام 2013 رغم تصويت مجلس النواب عليها واقرارها قبل اكثر من ستة اشهر.. على الطرف الاخر منح رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي100 الف دينار للمتقاعدين كمنحة شهرية لحين اقرار قانون بهذا الشأن ومثل هذه المفارقة لا يمكن ان تحدث في اي بلد من بلدان العالم الا في العراق.والمفارقة التي لا يمكن تجاهلها او عدم الوقوف عندها هو لماذا منح رئيس مجلس الوزراء منحة للمتقاعدين وبمقدار 100 الف دينار شهريا وأوقف منحة الطلبة وهي لا تزيد كثيرا على هذا المبلغ بل ان حساب المنحة الاجمالي للمتقاعدين سيكون اكبر من منحة الطلبة فيما لو تم صرفها لان عدد الطلبة اقل من عدد المتقاعدين وبالتالي فان من يرجع عدم صرف المنحة الى اسباب مالية امر غير صحيح لهذا السبب ولاسباب اخرى تتعلق بالوفرة المالية التي تنعم بها الموازنة العراقية نتيجة ارتفاع اسعار النفط وزيادة الكميات المستخرجة والمصدرة من النفط من الحقول الاصلية ومن الحقول الجديدة ومن عوامات الخليج.ويفترض بمجلس النواب ومن بعده وزارة المالية ان تكون لديهم اولويات لابواب صرف الموازنة والتي تتماشى مع اقرار القوانين والاحتياجات المقدمة من قبل المحافظات والوزارات ومن ثم تاتي لتخصيص المبالغ المطلوبة للطوارئ والمنح والهبات والعطايا وليس جائزا ان يتم تقديم المنح على القوانين لان في هذا التصرف خرق كبير للقوانين وتجاوز وتعدي على هيبة المؤسسة التشريعية وكذلك تقليل من اهميتها بل تجاهلها كليا وهذا امر يجب الوقوف عنده كثيرا لان تكرار مثل هذه الخروقات يعني ان البرلمان فاشل وغير قادر على حماية نفسه وقراراته وان هناك تمدد من قبل السلطة التنفيذية وهذا التمدد الخبيث هو الذي يقرر وهو الذي ينفذ وهذا الامر يجعلنا نشكك بمدى اهمية البرلمان وجدوى وجوده وصرف عشرات المليارات على اعضائه كرواتب ومنح ومكافئات وحوافز وعلاج اسنان وعيون وما الى ذلك.ان صرف المنح والمكارم من قبل شخص رئيس الحكومة امر غير اخلاقي لان مثل هذا التصرف ينطوي على دوافع خفية تحرك شخص المسؤول ويجعله متفضلا على من سواه والواقع ان رئيس الحكومة وغيره ممن يتقلد مناصب تنفيذية هم موظفون يؤدون مهمة خدمة ابناء الشعب العراقي ولهذا فان الرجوع الى التشريعات القانونية امر يجنب الجميع المطبات ويجعل كل ذي حقه ياخذ حقه بكرامة ودون حياء او منة من احد ،ولا اعتقد ان احدا سيقف امام السيد المالكي اذا دعا الى اقرار قانون يجيز زيادة رواتب المتقاعدين ومثل هذا الامر تعبت من اجله كتلة المواطن وهي تطالب باقرار مثل هذا التشريع لكن التنافس والخوف وقف دون تشريع قرار الزيادة وسمح للسيد رئيس الوزراء ان يعطي لكن ليس من امواله.يجب علينا ان نغادر زمن المنح والمكارم وعلينا ان نعزز تجربتنا الديمقراطية وان نحترم مؤسساتنا التشريعية وان يتم التعامل مع القوانين بشفافية ودون انتقائية وهذا لا يتم الا من خلال احترام القوانين والتشريعات التي يتم تبنيها من قبل البرلمان او من قبل المحكمة الاتحادية لان هذه المؤسسات التشريعية والقضائية هي الضامن والحافظ لتجربتنا الفتية من الانحراف والانزلاق باتجاه الشخصنة والتفرد.لنتوقف عن المنح والمكارم الشخصية ولنغلفها باطارها القانوني حتى نحفظ للانسان كرامته وللمؤسسة التشريعية هيبتها.
https://telegram.me/buratha