واثق الجابري
الانتخابات وتحديد بوصلة اتجاه الناخب تخضع لعوامل سلوكية واجتماعية وسياسية وتاريخية , ودور خبراء تحريك الرأي العام لتحديد العوامل الاكثر تأثير بالناخب , الخطأ الستراتيجي الذي تقع فيه اغلب الكيانات السياسية هي غياب البرنامج الانتخابي الناتج من البيئة السياسية والاقتصادية والاطار القانوني وقدرات وتاريخ الحزب , وعدم تقدير احتياجات ومشاكل وطموحات الناخب وايضاح اهداف وايدلوجيات ورؤية الحزب , المشكلة هي تحديد المرشحين خلال فترة قصيرة تبدأ من فترة تسجيل الكيانات وخضوعها لطبيعة التحالفات المبنية على المتغيرات والغايات الانتخابية , تبتعد في اغلبها عن الستراتيجيات الطويلة الأمد والمباديء لبناء تحالفات غرضها الوصول لسدة الحكم والابتعاد عن ماهية الديمقراطية وهذا ما يدعوها لأستخدام اوراق الضغط تبتعد عن المشروعية للتأثير على فكر الناخب وتتلاعب بطموحاته لتوجيه صوته , الواقع العراقي يقول ان هنالك الكثير من الأمال تعلق بسبب التردي في الواقع االخدمي والاقتصادي والاجتماعي وجذور عرقية ودوافع اقليمية ودولية وكلها عوامل تدفع بأتجاهات تستخدمها القوى للفوز بصوت الناخب , ومابين كل فترة انتخابية لم تستخدم المؤثرات الحقيقية التي تعطي الانطباعات الاولية وإنما التحرك من خلال استغلال السلطة والنفوذ والمال العام والمشاعر العرقية لكسب الرأي العام من خلال التأثير على الاجراءات الحكومية , دون العمل خلال الاربع سنوات لأعداد الدراسات والتقارب مع الناخب بالمرشح نفسه ليدرس المجتمع , وهذا ما يجعل التنافس محموم خلال فترة وجيزة داخل الحزب والقائمة اولا ومن ثم مع القوائم الاخرى ولذلك يبدأ المرشحين بالجولات المكوكية التي تعود بالسلب على بعضهم حيث لا يعرفه الجمهور الا في تلك الفترة ويتبع اسلوب الوعود والهدايا والولاء واستخدام العشيرة والطائفة وكثرة الوعود وربط ذلك بسياسة القوائم مع السلطة لقبول او رفض التشريعات والتنفيذ ومنها مثلاّ توزيع شقق او مقترح مكرمة على حساب المصلحة العامة قبيل الانتخابات , ملفات ومشاريع كثيرة معطلة على رفوف السلطات لا يتم تداولها الا هذه الفترة وتحول الى هبات بدل الاطار القانوني وتحاول اطراف كثيرة للمزايدة بها ومتجارة بهموم المواطن وبحلول ناقصة خسائرها اكثر من تطبيق القانون بذاته كتبديل قانون التقاعد بمنحة 100 ألف او اعطاء بعض الشرائح 25% من عائدات النفط دون حساب الجدوى الاقتصادية والقطاعات التي تنتج اكثر من تسليم المبلغ مباشرة بوضع حلول جذرية للبطالة والفقر , وهذا ما يقف حاجز امام ادراج القوانين الاحتاجات في الموازنة , ويتقصد تأخيرها لذلك الغرض واحراج الاخرين والمواطن وتقديم الاولويات الحزبية , تحديد مابعد اذار للانتخابات يجعل من الموازنة التي تتعلق بها كل الاجراءات الحكومية واستخدامها لتغيير عقلية الناخب , ومن هنا لم نجد ان الاغلب تعتمد البرنامج الانتخابي من نهاية الانتخابات السابقة إنما الجهد والجدية للتقرب من الناخب خلال فترة قصيرة لتلميع صورتها وانها المدافعة الوحيدة عنه , وربما هذا هذا التوقيت مقصود لكسب المواطن واحداث الانطباع الوقتي لتعلق الصورة بعقلية الناخب التي سرعان ما تزول بمقارنة الاقوال بالافعال , ولو كانت الانتخابات تقدمت لأشهر قبل نهاية السنة لأمكن المواطن من الحصول على احتياجاته وادراجها في الموازنة بدل من جعلها قضية للمساومة الانتخابية ..
https://telegram.me/buratha