عباس المرياني
اثأر إعلان تنظيم حزب الله "النهضة الإسلامية في العراق" قبل ايام تشكيل ما يسمى "جيش المختار" بحجة دعم الحكومة ومواجهة تنظيم القاعدة والجيش العراقي الحر موجة من ردود الأفعال المتباينة على المستويين الرسمي والشعبي،ففي الوقت الذي واجه هذا الاعلان حالة من الاستياء والاستنكار من قبل مختلف الكتل السياسية وجد هذا الإعلان حالة من القبول عند قطاعات متعددة من ابناء الشعب العراقي لانها ترى في هذا التشكيل عنصر ردع لوقف التنظيمات الإرهابية من استهداف ابناء الشعب العراقي بواسطة المفخخات والاحزمة الناسفة والأسلحة الكاتمة في ظل عجز حكومي شبه تام امام الاستهداف اليومي المباشر.الشيء الاخر الأكثر تطور في تشكيل مليشيا جيش المختار هو ادعاء مؤسس هذه المليشيا السيد واثق البطاط انتمائه او تحالفه مع المجلس الأعلى الإسلامي العراقي في استحقاقات المرحلة المقبلة في لقاء بثته احدى القنوات الفضائية ،ومثل هذا الادعاء يمثل تطورا خطيرا في الساحة السياسية العراقية لان تشكيل مليشيا في هذا الوقت واعلانها عن نفسها بصورة مكشوفة ثم ادعائها الارتباط بمكون سياسي مؤثر في الساحة السياسية عرف بمواقفه العقلائية وسعيه الحثيث لتغليب لغة الحوار على لغة العنف والتهديد وصعوده نجمه كافضل مكون يحظى بالمقبولية من قبل جميع الاطراف يمثل مشكلة كبيرة وحالة تراجع في ظن الكثير،لكن الحقيقة لا تكمن كلها عند السيد واثق البطاط في ادعائه الغير صحيح مطلقا انما الحقيقة كلها تكمن فيما يقوله المجلس لاعلى من عدم وجود ارتباط مع البطاط، الا ان هذا النفي يجب ان يعزز بمعرفة الدوافع الحقيقية وراء مثل هذا الاعلان وفي هذا الوقت بالذات خاصة ونحن نقترب من اجراء انتخابات مجالس المحافظات.ان موقف المجلس الاعلى واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار وهو رافض وجود وتاسيس المليشيات ويدعو الى حصر السلاح بيد الدولة وهذا المنطق امر مفروغ منه ولا يحتاج الى الرد على البطاط وغيره واذا كان هناك من دواعي للاعلان عن تكذيب الخبر فهو يدخل في باب التخلص من الفلسفات الفارغة التي تريد الاضرار بالمجلس الاعلى وقيادته ومكتسباته ومتبنياته،ومعروف موقف المجلس الاعلى من المليشيات من اللحظة التي دخل فيها الى العراق مطلع عام 2003 عندما اعلن عن تحويل منظمة بدر الظافرة من مؤسسة عسكرية قارعة النظام البائد الى مؤسسة سياسية تسعى لبناء العراق مع المكونات السياسية الاخرى ولو كان تفكير قيادة المجلس الأعلى يتمحور في اطار التخندق ولي الاذرع والتهديد بالسلاح لما سارع الى تحويل منظمة بدر الى مؤسسة سياسية في حينه ،كما ان المجلس الأعلى من اكثر المكونات السياسية التي تعرضت الى الاذى من المليشيات المسلحة وبالتالي فانه يرفض فكرة وجود مليشيا لان وجودها يتسبب بتخلف المجتمع وتمزق النسيج الوطني واستمرار نزف الدم وضعف اجهزة وسطوة الدولة. ان رؤية المجلس الاعلى غادرت منذ ان دخل الى العراق فكرة عسكرة المجتمع وهو الان منشغل بمشروعه في بناء الدولة العصرية العادلة وفق احدث التجارب العالمية القائمة على التخطيط الاستراتيجي وتوزيع ثروات البلد توزيعا عادلا وترسيخ مبادئ الديمقراطية وتجذير الممارسات التي تقوي هذه التجربة واحترام السلطة القضائية وتعزيز سلطتها واعادة هيكلة الدولة على اسس مؤسساتية متطورة وسد الثغرات التي يعاني منها جهاز بناء الدولة وتعزيز فرص الاستثمار الاجنبي وتوفير البيئة الحاضنة وتاهيل القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية والانتاجية وتعزيز دور القطاع الخاص ومساهمته مساهمة فعالة في تطوير القطاعات المختلفة.ان مشروع بناء الدولة العصرية العادلة لا يتماشى مع الدعوة الى تشكيل مليشيا ففي الوقت الذي يسعى المجلس الاعلى الى تعزيز اللحمة الوطنية يتسبب وجود المليشيات بتمزيق الوحدة الوطنية وفي الوقت الذي يدعو المجلس الاعلى الى خدمة المواطن وبناء الوطن واستثمار امكانياته الاقتصادية والانسانية يؤدي وجود المليشيا الى التخبط والفوضى وانتشار البطالة وتفشي ظاهرة الفساد المالي والاداري.ان المسافة بين مشروع المجلس الأعلى الإسلامي العراقي في بناء الدولة العصرية العادلة وبين فكرة تشكيل مليشيا مسلحة مسافة شاسعة ولا يمكن قياسها لان المشروع بناء والمليشيا هدم ومن المستحيل ان يجتمع مثل هذا المشروع وتلك الفكرة في خط واحد.
https://telegram.me/buratha