بهاء العراقي
عندما يوجه الكلام لمن يعقلون ويفهمون عند ذاك يمكن ان تكون هناك بوادر و حلول مقبولة اما ان يكون الكلام الحق الذي نسمع منذ اكثر من ثلاثة سنوات يدور في نفس الحلقة دون ان يستمع اليه احد عندها تحل الكوارث وتتوالد الازمات وهو عين ما يحدث اليوم فبعد التحذيرات الكثيرة التي اطلقها السيد عمار الحكيم من عدم جدوى السير بنهج التصعيد وتغليب لغة العقل والركون للحوار نجد ان التغاضي والتعامل بنفس الزاهد في النصيحة او الترحيب فقط دون المضي ولو خطوة واحدة ينقذ البلاد ويجنب العباد كل هذا التعطيل الذي ادى الى شلل المؤسسات وللاسف فان ما لاقته كل دعواته وما اكثرها والتي حذرت من مغبة ذلك على المديين القريب والبعيد هو المماطلة والتسويف حتى وصلت الازمة اخيرا الى طريق مسدود سيقود حتما لتقديم التنازلات على حساب العملية السياسية بشكل عام وعلى حقوق الاغلبية الشيعية بشكل خاص . ان المتتبع لخطابات السيد عمار الحكيم يجد منه الحرص وسعة الرؤية ودقة التشخيص واكثر من ذلك القراءة الموضوعية لمستقبل الاحداث والنهاية الحتمية لمسلسل الازمات المتتابعة وهو ما يقودنا لفهم تحول المشهد باتجاه الركود السياسي التام وانقطاع الصلات بين الفرقاء مما يعني السير الى المواجهة او التقسيم او أي شيء اخر سيء لايقل سوءا عما يحل في البلاد وهنا يمكن ان نفهم ايضا سبب تساؤل السيد الحكيم الذي وجهه للفرقاء ان كانوا يسعون الى تقسيم العراق ويبنون استراتيجيهم على اختلاق الازمات وعدم الرضوخ لمنطق الحكمة والحوار وان كانوا يريدون ذلك فعلا فعليهم ان يكونوا واضحين وان يخبروا الشعب بان هذا الخيار هو الحل اما ان يتاجروا ويتكلموا بوجهين من اجل خلط الاوراق وتعمية الشارع فهو امر لا يمكن ان يكون حلا وبرأيي ان الفرقاء لايملكون الجرأءة لقول ذلك ناهيك عن فعله لان شعاراتهم التي رفعوها على طول الخط هي الحفاظ على وحدة البلاد ارضا ووحدة شعبه وعدم التفريط فيه فهل كانوا صادقين في ذلك ولماذا لايقومون بخطوات فعلية تقود الى تحقيق هذا الشعار وترجمة هذا الحرص على ارض الواقع .ان لغة التبرير والعمل على اشغال الشارع بالصراع واخفاء النوايا والمتاجرة بمصير المكون كل ذلك امور باتت مكشوفة لان الحقيقة والسلوك العملي لاطراف لازمة تكشف عن عقدة مزمنة في عدم قبول الاخر تحركهم للتصرف عكس ما تقتضيه المصلحة وكأن المطلوب من كل طرف هو مخالفة الاخر لمجرد المخالفة حتى وان كان الحق معه او ان رؤيته هي الحل وكل ذلك يراد منه الوصول الى نتيجة حتمية هي التقسيم وانه سيكون بوصفه نهاية لكل الازمات وبعضهم يقول صراحة انه مع هذا التوجه بشروط يضعها على مزاجه دون وجود مرجعية قانونية او دستورية لكن السؤال هو اذا كانت كل هذه الاطراف لم تجد حلا لمشاكل تعتبر صغيرة فكيف لها ان تحل العالق من المشاكل الكبيرة ان اتجهت بهذا الاتجاه وهو ما سينتهي حتما الى الاحتراب وسيادة لغة القتل سيما مع وجود اطراف خارجية تخطط وتحضر لايجاد مثل هذا الوضع ليسهل لها تغليب طرف على اخر ونشر الفوضى في ارجاء البلاد وضرب المشروع في النهاية كما ان هناك سيناريوهات فعلية اعدت بهذا الخصوص . ان عدم الجدية وصم الاذان عن سماع صوت الحقيقة وعدم انفاذ الحل مشكلة بحد ذاتها ولمن يطلبون الحل فقد عبر عنه السيد الحكيم بعد تعالي اصوات كل العراقيين بضرورة ان يكون حل لظلاماتهم واستماع لهمومهم ونهاية لمشاكلهم وهو التوجه الى حل كل المشاكل (بسلة واحدة ) عبر تعويض ضحايا الارهاب والمقابر الجماعية وتعديل قانون مؤسسة الشهداء كي تحتوي ضحايا الإرهاب والاهتمام بالشرائح المسحوقة وعدم ترك الامور تسير باتجاه الانحدار والاعتماد على اجتهادات شخصية فكم من قانون تم ترحيله وكم من برنامج عمل انتهى به المطاف على رفوف مجلس النواب او الحكومة بفعل غياب الجدية لاغير. ان ايجاد الحل لا يكون عبر انتاج التسميات ورسم الاحلام دون الالتفات الى التفاصيل التي تم التوافق عليها وتبنيها ومنها الشراكة الكاملة التي يتحمل الجميع مسؤولياته فالشراكة اصلا هي مسؤولية حل وصناعة مستقبل مشترك للشعب اما ان تتحول الى مغنمة وقت الرخاء وانسحاب وصراع وقت الازمة فهذا ما نسميه النفاق باوضح صوره وابشع اساليبه وبالعودة لحديث السيد الحكيم يمكننا ان نرى بوضوح الرؤية الممكنة للخروج من عنق الزجاجة فالدستور والقوانين التي يدعي الجميع حرصه عليهما دون ان يكون هناك سلوك معتد به يثبت هذا الحرص طبعا هما الاساس ويشكلان الحل بلا ادنى شك فحتى الفيدرالية التي قاتل من اجلها المجلس الاعلى بوصفها حقا دستوريا للشعب لمنع عودة الديكتاتورية كانت تعني الوحدة وعدم التفريط بالبلاد بمعنى اخر ان الفيدرالية التي طالب بها المجلس تعني ان يرتبط أي اقليم بالمركز وهو نظام اداري معروف يطبق في بلدان كثيرة ولكل طرف حقوقه واستحقاقاته لا ان يتحول الاقليم الى دولة مستقلة تعود الى المركز وتنازعه بصلاحياته او تبتزه لتحصيل المغانم او العكس بان يتحول المركز الى قوة بطش تذل الاقليم وتنتقص من كرامة ابنائه وهذا ليس المقصود باي حال من الاحوال ثم ان ظروف اعلان او تشكيل الاقليم ينبغي ان تكون مثالية لئلا تثير الحساسيات وتفسر على انها انقسام او تقسيم كما اشرنا !! فالفدرالية ليست حالة انفعالية غير منضبطة انها نظام وعلى من يريد تطبيق النظام ان يلتزم به ويحميه لا ان يفكر في الهروب من مشكلة باختلاق اخرى ربما ستقوده وتقود البلاد معه الى هاوية سحيقة ؟!!
https://telegram.me/buratha