بقلم : قاسم محمد الخفاجي
تؤرخ الأمم حضارتها وتسهب في شرح مفرداتها لتوصل الى المجتمعات الأخرى رسالتها الحية التي تتبناها ، وقد قرأنا عبر التاريخ الطويل الكثير الكثير عن دول وانجازاتها ، وقرأنا عن أشخاص خلدتهم إعمالهم ومجتمعاتهم عبر الفترات السابقة ، وكذلك قرأنا عن أحزاب وكتل كان لها دورها الواضح في بناء دولة واستقرارها .هنا أتحدث عن المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ، هذا الكيان المهم الذي ظهر الى الوجود وتشكلت لبناته الاولى في عام 1982 كان له دوره الواضح والمؤثر في حياة المجتمع العراقي لان سبب تكوينه من إفرازات الواقع العراقي المرير ، وكان غايته التأثير بالمجتمع ودفعه لرفض الظلم والنكوص الذي كان حال الشعب العراقي في تلك الفترة. فصب عمله في مضمار الإصلاح النفسي والفكري وإفهام المجتمع كيفية الدفاع عن الحق والوقوف بوجه الظلمة ما أمكن ، وقد عانوا( أبناء خط شهيد المحراب ) ما عانوا من ويلات البطش السلطوي المدمر الذي زج بأغلب الكوادر في السجون واعدم الكثير منهم ، رغم ذلك استمر العمل على نفس الهمة والدافع ، ولم يؤثر ذلك في همة وقوة المجلس الأعلى وزادات الإعداد المنضوية تحت لواءه حتى سقوط النظام الدكتاتوري ،حينها شرع المجلس الأعلى بأهدافه ، ومنها نصرة الحق وجعل العراق وطن الجميع بلا استثناء ، وإدامة النهضة الفكرية السليمة التي تنشأ مجتمعاً صالحاً يعيد العراق وأهله الى الله والدين والإنسانية ، وقد عمل وبشهادة الجميع بكل ما أوتوا من قوة على تأسيس مؤسسات للدولة قادرة على إدارة دفة البلد ، وان تزيل الفوضى المترتبة من الاحتلال وضياع سلطة القانون ، ومنذ تشكيل مجلس الحكم عمل المجلس الأعلى على المشاركة الفعالة حتى لا يترك الأمور بيد الأجنبي المحتل يفعل ما يشاء بالعراق .
استمر عمل المجلس الأعلى بخطى مدروسة فخاض الانتخابات عام 2005 وفاز بنسبة كبيرة جدا فيها وترأس اكبر تحالف سياسي بالعراق بقيادة المرحوم سماحة السيد عبد العزيز الحكيم ( قدس ) الذي عمل بكل جد وإخلاص لاستنقاذ ما يمكن إنقاذه من العراق وجاهد في سبيل ذلك كثيراً .مر العراق بفترة عصيبة خلال العوام 2005-2006 حيث المؤامرات الخارجية من قبل دول الجوار أشعلت وللأسف اقتتال طائفي مرير أخر نمو العراق ، وأوقف كل البناء المزمع عمله ، بعد سقوط الطاغية واستمر المجلس الأعلى وعمل على إزالة التخندقات الطائفية التي كانت تحكم حركة الأحزاب والكتل السياسية ، فمنذ بداية تشكيله واستمر بذلك النفس الوطني العراقي ، حيث يضم الشيعة والسنة والأكراد والتركمان والمسيح وكل ألوان المجتمع العراقي .
المجلس الأعلى اليوم عمله واضح جدا للعيان من خلال مبادراته ومطالبته بإصدار قوانين عديدة من شانها رفع الحيف وإنصاف المظلومين من أبناء العراق وبمختلف شرائحه وبالأخص اليتامى والأرامل والطلبة وذوو الاحتياجات الخاصة والمحافظات الغنية بثرواتها والمحرومة منها كميسان والبصرة ، كذلك عمله الجاد لإيقاف نزيف الدم الجاري ، و استمر عمل المجلس الأعلى بكل قوة بان حافظ على مبدأ المواطنة العراقية ، ودعا لجعل الجميع متساوون إمام القانون وبلا تمييز ولا تهميش ، وهنا كان لابد للمعارضين والمنافسين من خلال شنهم حملات إعلامية تسقيطية ، حيث ضرهم عمل وتوجهات المجلس الأعلى التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن ، غايتهم تشويه صورته وخدشها أمام الناس والعالم الذي بدأ ينظر للمجلس الأعلى بأنه الأمل في خلاص العراق مع تظافر جهود الخيرين الآخرين ، الحقيقة ان المهمة صعبة وعلى الجميع التكاتف والتآخي للوصول بالمجتمع الى الصورة المثلى التي يرجوها الشعب العراقي . لم يكن المجلس الأعلى يعمل لوحده للإصلاح ، بل كان معه أناس همهم العراق جاهدوا ودافعوا بالغالي والنفيس لحماية العراق ، وهتفوا باسم العراق لوحدة بلا تعصب أعمى لجهة دون أخرى ، المجلس الأعلى الذي يعمل على المحافظة على المشروع السياسي الذي هدفه دفع العراق الى الإمام والمحافظة على كل المكتسبات وعدم ترك العراق فريسة لمن هب ودب بل تعزيز قوة الدولة وحماية مواطنيها وتوفير كل موجبات العيش الرغيد لأبناء العراق وجعل المساهمة في بناءه للجميع وان لا تختزل في فئة دون اخرى يبقى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ، يمثل كيانا سياسيا مهما ، وان حضوره وفاعليته يساهم في خلق توازن سياسي واجتماعي باعتباره تيارا معتدلا عقلانيا
https://telegram.me/buratha