ليس ثمة في الفكر الأنساني من وجود لقراءة محايدة للتاريخ، وتدوين التاريخ لا يعني جرداً لأحداث يومية جرت في عصور سالفة في منطقة ما..التاريخ بالحقيقة"آراء" أو "وجهات نظر" في أحداث مهمة ...بعضها "مع" صناع بعينهم لأحداث بعينها، بعضها "ضد" أولئك الصناع، وعلى قدر اطلاعي الشخصي، كعامل في حقل من حقول المعرفة يحتاج إلى مراجعة مستمرة للتاريخ بغية إسقاطه على الواقع تدبرا وتأثيرا، لم أحظ بمدونة واحدة ليست"مع" أو "ضد"..
غير أن كثيرين التفتوا إلى أن ظاهرة إجماع أو أتفاق مدوني التاريخ، على تقييم معين لشخصية محورية يمكن أن نجدها كعنوان بارز في مدونات التاريخ...ولذلك لا نجد بين من دونوا التاريخ إلا قلة منحرفة لا تصف الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام كأكثر الشهداء تأثيرا في البشرية على مر التاريخ، ودونت بحقه مليارات الكلمات تمجيدا ، فقط المعاندين والمكابرين من يبخسون هذا الدور..وحتى هؤلاء، وحينما يضعهم صادع بالحق في زاوية ميتة، يقرون بسطوع النهضة الحسينية ودورها في مفاهيمية الدين ألإسلامي...
الالتفاتة الثانية أن حوادث ومجريات مهمة لا يمكن قراءتها قراءة إيجابية تامة وقت حدوثها، فما يحيط بالمدون من مؤثرات أما تؤثر على صحة ودقة كتاباته، أو تمنعه أساسا من إيجابية التدوين، سيما ما يتعلق منها الحكام والطغاة نهم على وجه الخصوص...لكن ما إن يمر وقت ويغيب المغيب الدائم أولئك الطغاة عن دائرة التأثير، حتى تبدأ المدونات المنصفة بالظهور ...
الالتفاتة الثالثة أن الطغاة تحيطهم عادة كتلة ضخمة من الممجدين والمنتفعين، وهؤلاء عادة ما يقومون بتنظيم أنفسهم، أو أن الطاغية ينظمهم بنفسه كي يحسن توجيههم الوجهة التي يريد..
الالتفاتة الرابعة أن صناع التاريخ من معارضي ومقارعي الطغاة ليس لهم مثل هذه الكتلة، وهو أمر طبيعي بلحاظ أن أنصار الحق قليلون، وهو أمر يتسق مع الطبيعة ألإنسانية الميالة إلى الخوف على الذات والكيان..
شاه إيران ـ ونحن في الذكرى الرابعة والثلاثين لإمحائه من خارطة جيراننا الأزليين، كان ممن تنطبق عليهم وعملية زواله وكيفية ذلك والصناع الذين أسقطوه موضوع صالح للمقايسة ولإعادة التدوين...لقد جاء إلى السلطة بعملية انقلابية أسماها "الثورة البيضاء"تماما كما سمى البعثيون هنا انقلابهم في تموز 1968 بالثورة البيضاء أيضا.. ولكنه، ولكنهم، أغرقوا إيران والعراق ببحور من الدماء..
شاه إيران كانت تحيطه كتلة ضخمة من الممجدين والمنتفعين، ونظموا أنفسهم أو نظمهم بحزب أسمه «حزب رستاخيز ملت إيران» ففي حوالي عام 1975 أعلن الشاه (محمد رضا بهلوي) حل كل الأحزاب السياسية في البلاد وقيام حزب واحد هو حزب (رستاخيز)، وسيكون هو رئيسة المباشر وهو حزب الشاه، وكان عدد أعضاء هذا الحزب ما يقرب من الخمسة ملايين أغلبهم من رجال الدولة وموظفيها، وصرح أن من يخالفه الرأي فعليه أن يأخذ جواز سفره ويغادر إيران....
ومنذ تلك اللحظة بدأت علامات سقوط الشاه..فقبالته نهض الإمام الخميني بثلة كانت في البدء لا تعد إلا على أصابع يد واحدة ،ما لبثت أن ألتف الإيرانيون كلهم حولها...فبعد أربع سنوات من تأسيس رستاخيز زال الشاه ورستاخيز...
كلام قبل السلام: لا تمروا على ألاسم الذي أختاره الشاه لحزبه بلا تمعن... (رستاخيز : البعث) باللغة الفارسية!!!!!!!...
سلام...
https://telegram.me/buratha