حافظ آل بشارة
كثرت الكتابات التي تطالب بحقوق البدريين ، وكثرت التعليقات عليها ، يبدو ان هناك تيارا من الغضب والمظلومية والشعور بالاقصاء والتهميش من عدد كبير من البدريين ، يجب ان لا تبقى هذه الكتابات مبعثرة ، الأفضل ان تتحول الى وثيقة مطلبية رصينة موثقة بعيدة عن التهم والتجريح وتقدم الى النواب الذين يمثلون بدرا في مجلس النواب ، لا شك ان هناك فراغا قياديا في المشكلة ، الفراغ ناتج من قصور في بدر وليس تقصيرا ، ولا يعاتب القاصر بل يعاتب المقصر ، هذه هي قابلية القادة الموجودين وهذه هي كفاءتهم فهم لا يستطيعون ان يكونوا اكبر مما هم عليه الآن ، والقيادة ليست لعبة انها مجموعة من المواهب والمهارات والفروسية والرفعة الاخلاقية والاديولوجية والشجاعة والصلابة والابوية وسعة الصدر ، ولكن ليست المشكلة في الفراغ القيادي بل في استمرار هذا الفراغ . بدر تيار في الأمة لا يمكنه ان يندثر ، كل شيء يختلط بدم الشهداء لا يندثر ابدا بل ينمو ، لأن دم الشهداء اكسير الخلود ، يبقى كقيم روحية وطاقة كامنة ومتجددة ، الشعب العراقي لا يعرف بدر حق معرفته ، يعرفه من بيانات صدام القديمة التي تقول انه تشكيل عراقي يقوده الايرانيون ويمثل مصالحهم ، واذا قلت للناس الآن ان السيد الخامنئي ولي فقيه ونحن نمثل الولاية ونطيعها وهي اوسع من حدود الدول لا يفهمون هذا المضمون ابدا ، لأن العراق دولة قطرية وفيها مرجعية ايضا وتريد من يطيعها ، هذه مشكلة الافضل تأجيل الحديث فيها ، وانا اعرف الذين يلحون كثيرا في مقولة الولاية ويتباكون على طاعة الولاية ، انهم اؤلئك الذين يترجمون الولاية الى أموال وقصور وسيارات فاخرة ومناصب ، بينما عند مستضعفي بدر تترجم الولاية الى فقر وتهميش واذلال يومي وجوع ، هل المشكلة في الترجمة ام في المترجم ؟ لذا فحديث البدريين يجب ان يركز الآن على ان هذا الكيان الجهادي تشكل اصلا لاسقاط نظام صدام وانقاذ الشعب العراقي ، ولكن النظام اسقطته اميركا وساعدت العراق على تكوين نظام ديمقراطي ، ولو اراد العراقيون ان يكونوا حكاما ناجحين نزيهين وطنيين عدولا واصحاب تنمية فأنا متأكد ان اميركا لاتستطيع منعهم من ذلك ، ولكن الذي حدث ان المسؤولين العراقيين المتدين منهم وغير المتدين العربي والكردي الشيعي والسني اغلبهم بدأ مسيرة مذهلة من الفساد والمحسوبية والانانية والجبن والتعصب والفوضى والتسافل ، التكليف الشرعي الولائي بترجمته الصحيحة يلزم البدريين باستمرار الجهاد ، هم ارادوا انقاذ شعبهم من الطغيان ، واليوم عليهم انقاذه من مستنقع الظلم والفساد ومشروع التقسيم المرتقب ، هذا التكليف اهم من المطالبة بالحقوق الشخصية رغم ان الحق الشخصي هو تعبير عن مبدأ العدل ، اغلب القوى السياسية القائمة تلوثت بالفساد وفقدت مصداقيتها في اوساط الشعب ، هناك فراغ اخلاقي اصلاحي قيادي ، والاصلاح يجب ان يكون مشروعا متكاملا جريئا ، وهذا يتطلب من البدريين اعادة تنظيم صفوفهم كحزب سياسي يعمل بآليات منسجمة مع الدستور والقانون ، يجاهدون سياسيا بالشجاعة نفسها والايثار والروح الفدائية من أجل شعبهم ولاصلاح النظام السياسي الحالي وانقاذ العراق ، سيواجه هذا المشروع التشكيك والتشويه والتكفير والشتائم واغتيال القائمين عليه ، لكن سينخرط فيه الاخيار والشرفاء من الشعب ، وسيحظى بتأييد المرجعية والقيادات الوطنية الشريفة . الذين كتبوا مقالات او تعليقات حول مظلومية بدر لن يسمعهم الا اخوانهم الذين يشاركونهم المأساة ، اما الذين وصلوا السلطة وذاقوا عسلها فسيقابلون هذه الكتابات بالسخرية والغرور والتكبر سيرون ان اصحاب هذه الشكاوى هم ما بين حساد واقزام او جهلة او اشخاص لا يفهمون شيئا في السياسة . لكن هذا هو الطريق الصحيح لمواصلة التكليف وابراء الذمة واستعادة الحقوق ، اما البكاء على الاطلال والتظلم والتفجع فهو أمر مضر ، ونحن في عراق لا يحترم الضعفاء ، وفيه الحقوق تؤخذ ولا تعطى ، وفيه القوي يزيح الضعيف ، الجلادون القدامى يحتلون الواجهات وينعمون بالامتيازات ، والمجاهدون يبكون على الاطلال ، وبكاؤهم لا يزيدهم الا صغارا في عيون شعبهم .
https://telegram.me/buratha