عباس المرياني
من المفارقات الغريبة التي ينفرد بها الناخب العراقي وتجعله يختلف عن جميع نظرائه في كل دول المعمورة هو طبيعة التقييم الذي يضعه في اولويات الاهتمام والاختيار والمفاضلة بين المرشحين وبين الكتل السياسية التي ينتمي لها المرشحين اذا ما اراد الاختيار لان هذا الاختيار يكون في كثير من الممارسات مرتبطا بقناعات مسبقة قائمة على مبادئ استثنائية يصعب تغييرها من قبل المرشحين او من قبل الكتل السياسية المتنافسة الا ان الزمن كفيل بتغييرها كونها ترتبط في المرحلة الحالية بوهج السلطة وكاريزما القائد المتاصلة بجذور الفترة المظلمة وهذا الارتباط ستتلاشى سطوته في المنافسات القادمة ولن يكون من اولويات الاختيار خاصة اذا ما تمكن الاخرين من سد المنافذ الغير القانونية التي ينفد منها صاحب السلطة الاعلى والتي تمنحه صلاحيات ليس من استحقاقه.وعادة ما يحدد الناخب في الدول السائرة في طريق الديمقراطية خياره بين المتنافسين على ضوء ما قدمه من خدمات وما ساهم في تحقيقه من امن وأمان وسعيه لرفع مستوى المعيشه والقضاء على البطالة وخفض الضرائب ومحاربة الفساد المالي والاداري وتحقيق السلم الوطني ورفع مستوى الدخل القومي وتطبيق حقوق الانسان وزيادة مستوى السعادة عند الشيوخ والعجائز وما الى ذلك من الانجازات الواجب تحقيقها،بينما تكون خيارات الناخب العراقي بعيدة كل البعد عن تلك التي ينشدها الناخب في الدول الاخرى لان مقياس الاختيار عنده هو حجم ملفات المشاكل والازمات وطبيعة الاطراف التي اثيرت ضدها هذه الملفات ومقدار تمسكه بالملف الطائفي لان هذا الملف هو اخر وانجح الملفات التي يمكن ان تبقي الراغبين بالتفرد واولئك المستقتلين للتمسك بكرسي الحكم،اما ملفات الخدمات والامن ورفع مستوى معيشة الفرد والقضاء على البطالة والفساد والمالي والاداري وتوفير الخدمات الصحية فانها ملفات ليست مهمة في اولويات الناخب وهي اخر ما يمكن ان يفكر بها لانه للاسف لم يتعلم بعد لعبة الديمقراطية ولانه لا زال يعيش وهج السلطة والقائد الرمز ولا زال بسيطا في تفكيره وطرحه ولا زال طيبا حد السذاجة وهذا ما يعزف عليه الماسكين بعصمة اشاعة مبدأ التخويف من المقبل اذا ما حدث تغير في المواقع كون هذا التغيير سيؤدي الى المجهول وان النساء عقرن ولم يلدن رجلا قادرا على قيادة العراق الى بر الامان وعليه فان من يطالب بالتغيير لا يؤمن بالولاية ولا يخاف على مستقبل الاكثرية وما يهمه هو السلطة وكرسي الحكم اما تمسك الطرف الحاكم بالكرسي وبشتى الوسائل فحق لا ياتيه الباطل؟؟ان استمرار خيارات الناخب كما هي في المرحلة الماضية سيعمق الفجوة وسيؤدي الى حالة من الفراغ والشد والجذب وسيجني الناخب الازمات والمشاكل من جديد وسيضيف على ما فرط به سنوات جديدة من الحرمان والعوز واذا كان تشكيل الحكومة الحالية استغرق عشرة اشهر فان تشكيل الحكومة المقبلة اذا ما افرزت النتائج ارقام متقاربة كتلك التي افرزتها الانتخابات الماضية فانها لن تتشكل ابدا بعد حالة الطلاق التي تمت بين معظم القوائم السياسية المؤثرة في المشهد السياسي والتي سيكون لها حضور في المرحلة المقبلة.ان من حسنات الديمقراطية اذا ما احسن الناخب التعامل معها هي حرية التغيير ومنع نمو الديكتاتوريات وانتشار طحالبها الخبيثة في جسد الدولة ولهذا فان الفرصة قائمة لدى ابناء الشعب العراقي للتغيير واختيار النزيه والافضل ممن يستطيع انقاذ البلد من وضعه المتردي بما يملك من رؤية ومشروع متكامل وما يتمتع به من مقبولية بين جميع الاطراف.ان المجلس الاعلى الاسلامي اصبح اليوم فرس الرهان والخيار الافضل للناخب العراقي اذا ما اراد انتشال نفسه من الواقع المتردي الذي عاشه على مدى السنوات الماضية التي اعقبت سقوط نظام صدام ،ولن تكون مهمته صعبة خاصة في ظل ما يشهده من تصاعد في خط بيانه ومقبوليته بين اوساط جماهيره التي يشهد بها القاصي والداني.ان المرحلة المقبلة مرحلة حاسمة في اختيار الناخب بين ان يستمر بمعاناته وبين الانطلاق الى فضاء النجاح وتحقيق طموحاته التي تاخرت عنه كثيرا ولتحقيق طموحاته ما عليه الا ان يحسن الاختيار والاختيار الافضل هو فرس الرهان.. انه خيار قيادة عمار الحكيم وائتلاف المواطن 411.
https://telegram.me/buratha