بقلم ... محمد أبو النواعير
هو موضوع كبير ومتشعب , قد لا تغنيه كلمات مقالة صدرت من قلب يحترق ألما على بلد وعلى شعب وعلى فئة , وأنا أشاهد أن فرصتهم في أن يكونوا أسياد أنفسهم قد بدأت تتبخر وتتطاير , كل ذلك بسبب أخطاء وعواطف وجدانية , إستحكمت فيهم , وعملت على تسييرهم مدى الدهر , فهم من جانب , يملكون أرقى العقول وأصفى الذهنيات من بين شعوب المنطقة , بل والعالم , ومن ناحية أخرى نجدهم يدوسون عقولهم باقدامهم عندما تتحرك عواطفهم , ويغلب صوت القلب عندهم على صوت العقل , وهنا تكمن المصيبة , فمعظم القضايا المصيرية التي تهم أمر هذا الشعب وعلى مر الزمن يمكن السيطره عليها من خلال إمتلاك مفاتيح أبواب ما قمت بتسميته أنا بـ( القلب الجمعي ) لأبناء هذا البلد . عندما تسأل أي مواطن عراقي الآن , ماذا تريد من الذي يحكمك أن يحقق لك , أول ما يجيبك : أريد أن يعم الخير والسلام , أريد أن يهتم بملف الخدمات ويجعل الأولويه له , أريد إعمار هذا البلد , أريد لبلدي أن يكون بمصاف دول المنطقة , ولكي لا أكون طماعا وأقول بمصاف الدول المتقدمة . أريد لبلدي أن يقضي على مشاكله الإجتماعية والإقتصادية , أن تحل مشكلة البطالة , مشكلة الكهرباء الأزلية السرمدية , مشاكل الفساد المالي والنهب العلني للمال العام , أن تستثمر طاقات الشباب , أريد أن أتجول في بلدي وأرى ناطحات السحاب في كل محافظة ومدينة , أريد لبغداد بلدي أن ترجع جوهرة الشرق الأوسط .. وأخيرا يقول لي بعد حسرة طويلة : أريد لبلدي أن يتقدم ويتطور وتسوده العدالة .....الى هنا الكلام لطيف جدا , تسأله السؤال الثاني: ماهي مواصفات القائد الحاكم الذي تريد أن يحكمك ... والعجيب تجد الجواب هذا السؤال الثاني يذهب شرقا , بينما الأول ذهب غربا ... يجيبك وقد إحمرت وجنتاه , وبدأ بريق الغضب يصدر شعاعا من عينيه : أريد حاكما قويا ذو صوله , يفلش البعثيين , يكسر عظام السنة ,,, يأدب الأكراد , ويسحكهم مثل ما سحكهم صدام ,, أريد حاكم قوي يقضي على كل الأحزاب!!! .. أريد حاكم يعدم كل المفسدين , ويحارب أي دولة لدينا معها خلاف , مثل ما صدام جان مأدبهم , وأخيرا , وبعد أن أفرغ غضبه , يقول وقد ملأ اليأس عينيه : ينرادلنا واحد مثل صدام ...!!!!طبعا هذه المحادثة مع أنها خيالية , إلا أنها تمثل الأغلب الأعم لنموذج تفكير المواطن العراقي .. وهنا أسأل , ومن حقي أن أسأل : ماذا تريدون يا شعبنا ويا أخوتنا وياأبناء جلدتنا , أتريدون عراق يزدهر ويتطور وينمو , إذا لابد لكم من تحكيم العقلاء من كل الأطراف : الشيعة والسنة والكورد , وصدقوني هم موجودين , ولكن أصواتهم باتت لا تسمع بعد أن طغت أصوات صقور البطولات والعنتريات , المستهينين بدماء الناس وأعراضهم وأموالهم , والماهرين بغسل قلوب الناس ويطبعوا عليها ... إذا أردتم مشروع العقلاء لبناء وإزدهار هذا البلد فهو مقارب لمشروع المرجعية الرشيدة في العراق والتي طالما دعت الى تغليب صوت العقل والحكمة , ومحاولة زرع مفهوم السلام في قلوب الناس , وحرف توجهاتهم نحو الأصوات العاقلة المعتدلة التي تدعو الى السلام والعيش بحب ووئام ... بهذه الطريقة نعم , نستطيع بناء بلدنا وتطويره وحل كل مشاكله ..ماذا تريدون ياعراقيين ؟ , أتريدون حاكما قويا بطلا صنديدا , ( مثل صدام ) الكل تخاف منه , ويبدأ بتفعيل الأزمات التي لا يجيد غيرها , ويصنع الأزمة تتلوها الأزمة ويستعدي الكل ضد الكل , ويتعادى مع الدول المحيطة , ومع المكونات من الأخوة داخل البلد , يتصرف برعونة صدامية , وبطولات جاهلية , يريد أن يعيشنا في دوامة الصولات , التي يعتقد أنها تفلح في إعلاء نجمه في كل زمان وأوان ... نعم .. فالحرب العادلة وحمل السلاح فيها لها زمانها الخاص وظروفها الخاصة بها عندما يعجز العقلاء عن إيجاد تقاطعات مشتركة يتفقون عليها , وهي ظروف لا تسمح أبدا بأن يبنى فيها بلد , أو يطور شعب أو يقوى إقتصاد .. إذا كنتم تريدون ذلك , فلا تفكروا ولا تتأملوا بأن تحل مشاكل بلدكم ,بل ستبقون دهرا تعيشون الأزمة تلو الأزمة وتبقى ملفات الخدمات مجمده ومخدره ومغطى عليها , وتبقون عرضة للسلب , وعرضة للقتل , إلى قيام القائم (عج) ..الحل بيدكم , والخيار لكم , أتريدون رجل حرب (حكومة حرب) أم رجل سلام(حكومة سلام وإعمار وخدمات ) ؟ .. اتريدون رجل بناء . أم رجل أزمات ؟ .. الأمر متروك لظمائركم , وهي أمانة أنيطت بكم وفي رقابكم , وأنتم المسؤولون عنها يوم تقفون بين يدي مليك مقتدر ... إتبعوا أمر مراجعنا , فهم غالبا ما يدعون الى تغليب صوت العقل وتفضيل أهله , ونبذ لغة السلاح والإقتتال , فما مر بنا من قتل وإراقة للدماء فيه الكفاية .. وقد آن الأوان لكي نبني بلدنا .. ونختار من يعيد السلام والتوافق بيننا , لا أن نختار من تعود دوما أن يعيشنا في سكرة صولاته التي عفا عليها الزمن , وإستهلكت بتطور ما حولنا من الدول ... والله أعلم ..بقلم .. محمد ابو النواعير .. العراق - النجف الأشرف ..
https://telegram.me/buratha