حيدر حسين الاسدي
خلال جولتي اليومية في تصريحات الساسة وإفرازات الأزمة وما يصدر من هنا وهناك تذكرت شخصاً غُيب عن الإعلام ولم نسمع عنه شيء ، ونسي في زحمة الأخبار والبيانات وكأنه لم يكن له موقع ومقام ودور في هذا البلد انه فخامة الرئيس "جلال الطالباني" الذي ابتعد عنا بسبب المرض ودخوله المستشفى اثر جلطة دماغية مفاجئة جاءت بعدها اعراض مرض خطير اصابة الجسد السياسي العراقي وأربكت المشهد ليدخل في صراع كبير لا تقرأ ملامح الحل فيه بالقريب العاجل خصوصاً وان سقف المطالب للمتظاهرين بدأ يتصاعد وبدأت دوائر المخابرات الإقليمية ورجالات الأزمات العربية تدخل بصورة علنية على خط التصعيد محاولين ان يستنسخوا المشهد السوري في العراق ويستعيروا تسميات أيام الجمعة منها وصولاً الى حد المواجهة والاقتتال المسلح وتحقيق هدف التقسيم الذي يسعون اليه.فتصاعد الأزمة وتولد التشنجات من هذا الطرف أو ذاك وضرب المصالح واستغلال الثغرات القانونية أصبحت سمة من سمات الحكم والمسؤولين في العراق وأصبحنا نشاهد عنتريات وتهديدات وسياقات جديدة في إدارة الدولة لا توحي للمراقب البسيط ان بعض من يمسك بزمام الفصل يمتلك مؤهلات الحكم فالعقلية السائدة لدى المتصدين للمشهد الحالي سواء في المراكز التنفيذية او التشريعية او من يمثل الحلقات الضيقة من المستشارين والمتحدثين يتعاملون من الوضع تعامل أشبه ما يوصف بالعشائرية والصراع بين إفرادها "مع احترامي الشديد لهذه المؤسسة الاجتماعية المهمة والفاعلة في العراق" لكن حكم الدولة والشعب بتنوع طوائفه لا يمكن ان يقارن بحكم أفراد العشيرة الواحدة وسياقات الحديث والطرح فيها .فكيان الدولة ومستلزمات قيادتها تحتاج الى رؤية سياسية بعيدة المدى وحسابات مستقبلية تدرس بعناية ليمكن التنبؤ بنتائجها وتحركاتها قبل وقوعها وهذا لا يقع ضمن مسؤولية رأس الهرم القيادي فقط بل هو ضمن مسؤوليات جيش المستشارين والمقربين وأصحاب البحوث الإستراتيجية الذين لهم الصوت المسموع في أذان اصحاب القرار في البلدان الديمقراطية.لكن الوضع في العراق مختلف تماماً عن سياقاته الصحيحة فنجد التقاطعات بين مراكز التشريع والتنفيذ مستمرة وقادة الكتل الذين انتخبوا ليمثلوا الشعب ويديروا استحقاقاته متخاصمون لا يقبل احداً منهم التنازل للاخر وكأن المسائل الموجودة هي مسائل شخصية ومن حق هذا الطرف أو ذاك الزعل والخصام مع الأخر وتبقى مصالح البلد مرهونه بلقاء المتخاصمين ومتى يجتمعون وينزلون عن عروشهم العاجية.ان ما نحتاجه هو وعي وإدراك للمسؤولية الملقاة على عاتق الجميع والشعور ان ما نديره اليوم هو دولة بمؤسساتها والتزاماتها وحرفية ادارتها وعقلية المعارضة والتشكي والتشكيك قد غادرها السياسيون منذ 10 سنوات وهم اليوم يمسكون الجهاز التنفيذي والتشريعي لدولة العراق بكل ما تحمله المفردة من معاني والتزامات .أن الشعب الذي يمثل الضحية الأكثر دفعاً لضريبة التقاطعات والمصالح الحزبية بين الكتل تقع عليه مسؤولية الالتفات حول قياداته المعتدلة والملتزمة بنهجها الذي يمثل نهج المرجعية الدينية والتي تدفع نحو الحوار والحل للمسائل والإشكالات وتلعب الدور الايجابي فيها وتعيد لحمة التحالفات الإستراتيجية بين مكونات الشعب العراقي ليأخذ كل منها دوره في بناء البلد الذي تأخرت عجلة نهوضه كثيراً في ظل أزمات متتالية نتمنى ان تختم قريباً.وعَوْداً على بَدْء الى صحة فخامة الرئيس الذي يتطلع ابناء الشعب لسماع أخبار جيدة عنه وعودة سريعة للساحة السياسية العراقية التي عانت بمرضه فراغ كبير للشخص الجامع لكل الإطراف وجعلت سماحة السيد عمار الحكيم في موقف لا يحسد عليه بتحمله العبء الأكبر في تقريب وجهات النظر وسط تصاعد الأصوات المتقاطعة وضجيج الرافضين للحل مما جعله محور التقارب الذي يعول عليه المواطنين للخروج برؤية متوازنة تعيد الوضع العراقي الى ساحل الامان والسلام ، تمنياتنا ان يوفق قائد المجلس الاعلى ورجالاته بالوصول الى حلول ناجحة واخراج البلد من ازمته وان يتكلل الرئيس الطالباني بتاج الصحة ويعود سريعاً الى عملة ومنصة الرئاسي كحامي للدستور ومدافع عن تطبيقه.
https://telegram.me/buratha