بقلم: د .عادل عبد المهدي* نائب رئيس الجمهورية المستقيل
روي اهل بغداد قصة لشاب اصيب بعمى وطرش بالتزامن مع البيان الصادر من البلاط الملكي بنقل الملك غازي للمستشفى بعد الحادث الذي تعرض له.. فكان هذا الخبر اخر ما سمعه الشاب.
ومرت الايام.. وفي كل يوم يسأل الرجل كيف هي صحة الملك.. ويحير اهله في كيفية افهامه ان الملك قد توفي.. ويأتي عبد الاله وينصب فيصل الثاني ملكاً والرجل يسأل.. ويقتل الوصي... والملك في تموز 1958 والرجل يسأل عن صحة الملك غازي.. مما صار يحرج اهله بعد ان تغيرت الاوضاع واصبح السؤال عن العائلة المالكة جريمة.
والحقيقة اننا نعاني كلنا من شيء من ذلك.. فعندما نرتكب الاخطاء فلاننا لا نسمع ونرى جيداً الامور لنعي صالحها وننبذ طالحها.. فنحكم بعقول انغلقت عل قناعات ولت.. فنستمر على عنادنا وجهلنا لما يدور حولنا فالزمن توقف لدينا.. الى ان يأتي الواقع ليعلمنا الدرس البليغ. فكثير من النقاشات والصراخات الجارية هي لطرشان لا يعون ما يقولون.
اما من له سمع ونظر فسيقول.. ان صداماً ونظامه المستبد الدكتاتوري قد انتهى بلا عودة.. وان القاعدة ارهاب وموت وقتل ولا مكان لها بيننا.. وان الطائفية هي الوجه الاخر للارهاب سواء تبنتها عناصر في الدولة او خارجها.. وان دول الجوار هي بالتعريف الاول امتدادات العراق ومرتكزاته.. فان برزت خلافات، فحلها الصداقة والعقل، وليس الحروب والتدخل.. فلقد دفعنا كثيراً عندما جعلنا من ايران والكويت وسوريا اعداءاً لنا.. وسندفع مثل ذلك ان قمنا بالامر نفسه مع تركيا ودول الخليج والاردن. وان الاحتلال والوجود الاجنبي قد انتهى لغير رجعة.. وان بلادنا قد انفتحت على دول العالم تبحث عن صداقات ومشتركات.. وان الشيعة والسنة والعرب والكرد والتركمان وغيرهم اخوة ومواطنون لهم حقوق متساوية.. وان العراق يحكمه الدستور وليس طبقة او حزب او طائفة او قومية.. وان منطق السجون والملاحقات والاعدامات والتعذيب قد انتهى.. وان البرلمان والحكومة جاءا من رحم الشعب ويضمان معظم القوى الخيرة.. وان تقصيرهما او قصورهما يجب ان يحل بالاجراءات الديمقراطية والدستورية. فلا وجود لمنطق الانقلابات او المؤامرات او التهديدات.. او منطق الزعيم الاوحد.. والحزب القائد او القائد الضرورة. فلقد دفعنا ثمن تلك الممارسات والاخطاء.. والاعمى والاصم فقط، من يريد تكرارها.
https://telegram.me/buratha