بقلم : عبد المنعم الحيدري.
لايختلف اثنان في علم السياسة على ان العلاقات الدولية هي عبارة عن علاقات معقدة ومتشابكة فيما بينها ومتداخلة حيث ان ازمة ما تجري في بلد ما هي حتما سوف ثؤثر على بلد اخر على المستوى الاقليمي او الدولي .ان اللاعبين الدولين والذين لهم نفوذ وتأثير على الساحة الدولية هم فقط من يدير تلك الازمات حيث ان اولئك اللاعبين هم في قلب الصراع لكونهم يتقاسمون النفوذ والتأثير على الساحة الدولية.ان ما يحدث في سوريا لا يبتعد ابدا عما يحدث في البحرين او حتى اليمن او لبنان او العراق او غيرها من دول اخرى ، وتعتبر هذه الاوراق هي اوراق ضغط على دولة ما من قبل دولة اخرى او بالعكس وبالتالي فأن في حالة التصعيد فأننا نجد ان التصعيد يضرب هذه المناطق جميعها . اما في حالة الانفراج او التهدئة فأن ذلك سوف يكون في سلة واحدة ولجميع الملفات بين تلك الدول صاحبة النفوذ.(بالمناسبة فليعلم الجميع ان الاستقرار الكلي للعالم لاينفع تلك الدول صاحبة النفوذ ولا عدم الاستقرار ينفعها وان الذي يصب في مصلحتها ويحقق اهدافها هو خلق الازمات ، اي ان تكون المنطقة تعيش في حالة الاستقرار النسبي).ونأتي الى قضية العراق الذي تاثر بما يجري في المنطقة بفعل فاعل على الرغم من ان نظامه السياسي الذي يدير الحكم هو نظاما ديمقراطيا يمنح الحريات والحقوق لكل العراقيين وفق دستور ضمن ذلك، مما سهل لدول النفوذ ان تلعب في المربع العراقي عبر تلك الوسيلة من اجل خلق حالة من الضغط الداخلي وارباك الوضع وضرب الاستقرار النسبي في العراق.ان ازمة التظاهرات في بعض المناطق العراقية ( كتبت عنها قبل ايام مقالة نشرت على موقع القوة الثالثة تحت عنوان " ازمة التظاهرات الاخيرة في العراق .. الغايات والمقاصد" ، طرحت فيها سؤالا على القائمين على النظام السياسي العراقي هو ماذا اعددتم لتداعيات التظاهرات التي سوف تأتي من الخارج بعد ان وصلت الرسالة ؟)، يبدو انها قد دخلت ضمن اللعبة الاقليمية والدولية واصبحت من ضمن اوراق الضغط التي من الممكن ان تتفاوض عليها الدول المتصارعة من اجل النفوذ والتاثير وهي ذاتها التي تدير الازمات في المنطقة.وقبل ان اطرح هنا سؤالا مهما واجيب عليه لابد من ان ابين نقطة هو ان الحكومات في النظم الديمقراطية هي عبارة عن مؤسسة تابعة للدولة اي بمعنى هي جزء من الكل وبالتالي فأن ذهاب الحكومات او استبدال رؤساء تلك الحكومة لايؤثر بشيء على الدولة وعلى هذا الاساس فأن الحكومات او رؤسائها هم يتصفون بعد الثبات اما الدولة فهي تتصف بالثبات النسبي ، واذا اردنا من هذا الباب ان نقارن بين الاثنين فلا وجود للمقارنة اصلا وفي حال وجود عرضا يتعلق بذهاب الدولة او الشخص فأنه من البديهي ان يختار المفاوض استبدال الاشخاص وبقاء الدولة لكون ان هذا الخيار خيارا عقلانيا خصوصا اذا كان مجبرا على المفاوضات وفقا للتداخل والتشابك الدولي فليس من المنطق ان تقدجم الدولة(ا) تنازلات للدولة(ب) دون ان تقدم دولة (ب) تنازلات لدولة (ا).وبما ان كل المعطيات تشير الى ان المنطقة بكل ملفاتها الساخنة ذاهبة الى التسوية بين دول التأثير والنفوذ فمن البديهي ان يكون العراق هو احد اوراق التفاوض بينها.ولكون الازمة في العراق تزداد تعقيدا بين المالكي وخصومه من السياسين والشركاء في الوطن فهو الاقرب الى ملفات التفاوض التي تجري بين تلك الدول المتصارعة وان قطار السيد المالكي سوف يتوقف في اخر محطة له قريبا.
https://telegram.me/buratha