حمودي جمال الدين
اتصلت بأحد الأصدقاء مهنئا إياه بتسنمه حقيبته الوزارية اثناء تشكيل حكومتنا العتيدة هذه , واستطرادا لحديثي معه وجهت له سؤالا لايخرج عن مهنية واختصاص وزارته قلت له(( عسى ان تشملونا برعايتكم وتحتوينا مصالحتكم الوطنية التي استوعبت العتاة من شلل الجلادين والقتلة الذين اسامونا قهرا وهوانا وتشريدا طيلة السنوات التي خيموا بثقلها على كاهل العراقيين ؟؟؟لم يكن هذا السؤال نابع من فراغ , لكنه كان ناتجا من مبعث الألم وفداحة النكران والجحود الذي اتبعته حكوماتنا وأحزابنا الاسلاميه التي تربعت على مركز القرار وصدارة السلطة في عراقنا الجديد,حين أهملت وأغفلت الدور الرئيسي والريادي لهذه الشريحة الاجتماعية التي قصدتها بسؤالي, والتي لولا انتفاضتها واستفتائها الشعبي المسلح ,وبما أسدته من تضحيات جسام وما قدمته من قرابين الشهداء والثكلى والأيتام ,لما عرف العالم بمحنة العراقيين وما كانوا يعانوه ويكابدوه حقيقة على أيدي ومظالم نظامهم المقبور, ولما انتفض هذا العالم لنصرة الشعب العراقي وإنقاذه من براثن عتاته وطغيانهم, وكانت حصيلة هذه الهبة العالمية المناصب والكراسي التي يتبوأها حكامنا الجدد.لكن السيد الوزير المحسوب على الأحزاب الحاكمة المتنفذه, أجابني بدعابة لا تخلو ابدا من الصدق والحقيقة التي هي عليها حكومتنا ونظامنا الجديد ((صراحة انتم لا تخيفونا ولا ترفعوا السلاح بوجوهنا نحن نعرفكم جيدا ))الا نستجلي من هذا الجواب واقع النظرة الدونية والاستصغار والاهانه التي تنظرها حكومتنا وبرلماننا وسياسينا لحجم هذه الشريحة ومدى تأثيرها على سياسة الحكومة وتشريعات برلمانها ونصوص دستورنا الذي عرّف السجين السياسي بموجب المادة الخامسة من قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم 4 لسنة 2006 كل (من حبس أو سجن بسبب معارضته للنظام البائد في الرأي أو المعتقد أو الانتماء السياسي أو تعاطف مع معارضيه أو مساعدته لهم)فلماذا لا يعتبر وفق هذا المفهوم قاطني معسكر رفحاء الحدودي سجناء سياسيون ؟؟؟,فكل مواصفات السجين السياسي التي حددها القانون تنطبق بحذافيرها عليهم, وان اغلب القادة وسياسيو اليوم, زاروا معسكر رفحاء واطلعوا عن كثب على واقع حال ساكنيه ومعاناتهم, سواء من الناحية الامنيه أو من الانتهاكات الجسدية والنفسية التي تعرضوا لها من قبل سجانيهم وحماة معسكرهم المسور بمدجج السلاح وأسلاكهم الشائكة, أو بصراعهم المرير وهم يلتحفون الخيم غطاء وسريرا يقيهم من التقلبات القاسية للطبيعة الصحراوية, والتي مكثوا فيها سنين بعيدا عن أهلهم وناسهم وعن أي نفس أنساني غير أنفاسهم وحراس معتقلهم.فلوا تجردوا هؤلاء القادة أو الساسة وحكّموا ضمائرهم (( مبتعدين قليلا عن المصالح التي كانوا يرتجونها من تقربهم لقاطني هذا المعسكر)) ورجعوا قليلا إلى الوراء وكيف كانت علامات الحزن والأسى تعتلي جباههم وتختلج الحسرات في نفوسهم اثناء زياراتهم المتكرره للمعسكر, وهم يرثون لحال العراقيين التي أوصلتهم لهذا الدرك السفلي من الحياة البائسه والعيش الموحش .واليوم وهم في السلطة, ما انفكوا يجزلون بالمديح والثناء لانتفاضة الشعب العراقي ولرجالها وشهدائها, ويستذكرون مقابرهم الجماعية التي غطت مساحاتها ارض العراق .لكن هل التفتت الحكومة وبرلماننا وسياسينا لحقوق هذه الشريحة المناضلة وأنصفتهم كما أنصفت اقرانهم من السجناء السياسيين العراقيين .فلا نسمع منهم وطيلة السنوات العشرة الماضية, إلا التصريحات والمناكفات فيما بينهم واحدهم يلقي تبعات التأخير والممانعة على الأخر لشمول شريحة المنتفضين بقانون السجناء السياسيين.ورغم صرخات ألمطالبه والتظاهر والكتابة, إلا ان حكومتنا تسد أذانها وكل جوارحها وتحجم عن سماع أصوات أصحاب الحق الشرعي لهذه ألدوله ألحديثه, لكنها بالمقابل تستنفر كل إمكانياتها وجهودها ووسطائها في الداخل والخارج ,من اجل إرضاء المنتفضين في المنطقة الغربية ألان , معلنة على لسانها ولسان لجانها التي تبعثهم لتلبية كل حقوق المتظاهرين وطلباتهم .حتى وان اعترفت علنا إن المحرك الذي يلعب دور تأجيج وإثارة هذه المظاهرات هم أولائك الذين كنا جميعا ضحايا وثكلى نظامهم البائد.لست هنا في معرض الناقد والرافض لمثل هذه التظاهرات فانا من المؤيدين والمنادين بها لكونها تمثل مطالبه بحقوق مشروعه ومهضومة ولا يمكن ان تسترد هذه الحقوق إلا بالسعي الحثيث والمتابعة من قبل أصحاب الشأن, وان اختلفنا معهم بفقرتين منها, بينتها في مقال سابق بعنوان( نعم لتصحيح المسار وليس لإسقاط النظام ).الا ان الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال شعورنا بسياسة المكايل المتباينة التي تنتهجها الحكومة في تعاملها مع مواطنيها وحقوقهم ومطالبهم.أليس في هذا التباين السياسي والتصرف الحكومي خطئا مجحفا وظالما وغبنا مقصودا لشريحة منتفضي آذار 91.؟؟ويبقى لنا عتب على بعض الاخوه ممن شاركوا بالانتفاضة الشعبانيه( كما يحلو لهم ان يسموها )حيث نرى بين الحين والأخر عقد مؤتمر للانتفاضة مغاير لبقية المؤتمرات التي سبقته ثم تنتخب أمانه عامه باسم ألانتفاضه عموما ,وعادة ما يدعى إليها قادة بعض الأحزاب الاسلاميه المتنفذه, وبالتالي تجير وتصادر ألانتفاضه بكل أطيافها التي اشتركت بها , لمن حضر من هذا الحزب او ذاك, هذا الإجراء سليم لو اقتصر على اتباع ومريدي الحزب نفسه فلا ضير فيه ابدا ,على ان لا يشمل عموم المنتفضين والتحدث باسمهم دون اخذ أرائهم وموافقاتهم .ثم لنا سؤال وجيه نحب ان نطرحه لهؤلاء الاخوه المؤتمرون والمشكلون لهذه الامانه أو هذا المؤتمر.ماذا حققته لكم هذه الأحزاب التي أتحتم لها مصادرة انتفاضتكم بملء إرادتكم و لحساب المتاجرة باسمها ؟؟؟؟؟عشر سنوات خلت لم ولن تحقق لكم أي مطلب حتى وان كان يسيرا من مطالبكم رغم علمها ومعرفتها واعترافها بحقوقكم.اما كان الأولى بها منذ تسمن المسؤولية واعتلاء السلطة ان ترد لكم الجميل وتكافئكم على تضحياتكم لا ان تستهين بكم وتٌميّع طلباتكم .بالله عليكم اسألوها ان كانت تسمع وتجيب ؟؟حمودي جمال الدين
https://telegram.me/buratha