المهندس علي العبودي
هناك حوادث تحصل في العالم ينشغل فيها السياسيين والإعلاميين كثيرا", خصوصا" الحوادث التي تحصل بفعل فاعل, فأنها تأخذ مديات إعلاميه أكثر من الحوادث الطبيعية , كالزلازل والفيضانات والبراكين والنيازك على الرغم من الخسائر المادية والبشرية الكبيرة المترتبة لذلك , كاستيلاء قراصنة الصومال على ناقلة النفط السعودية سيريوس ستار وعلى متنها 2,2 مليون برميل , أي بكلفة 220 مليون دولار, ليطالب الخاطفين بمبلغ 35 مليون دولار مقابل اطلاق سراحها , فالمبالغ التي تجنيها تلك العصابات العالمية المحترفة كبيره جدا" من تكرار تلك العمليات دون الخوف من القانون الالهي او القانون الدولي .
في عراقنا الجريح الذي نفتخر بانتمائنا اليه , وما يحمله من أرث ديني وحضاري , ففيه الانبياء والائمه المعصومين والاوصياء والسلف الصالح لنهجهما الشريف , الذين بذلوا الغالي والنفيس لمواجهة الظلم والعدوان منذ عقود من الزمن , لترمى الأمانة في أعناقنا , التي لم نوُفي لها قيد أنملة , فالنهج الذي تم اختياره من عوام الشعب العراقي , هو حشرُ مع الناس عيد , ولهذه الثقافة والنهج الخاطئ ضريبه يجب ان تدفع , منها شلالات الدم التي تسري في كل شبر من ارض العراق , ناهيك عن التراجع العمراني والثقافي والاجتماعي والامني أضافة للديني , فمن المؤلم ان يشترك النظام الديمقراطي والنظام الدكتاتوري في قرصنة مقدرات البلاد والعباد , فمنذ نشأتنا الاولى بدئنا بقرصنة النظام السابق الذين استولوا على خزينة البلد بأكملها ,ناهيك عن الديون العالمية التي تصل الى 130 مليار دولار عندما كان سعر برميل النفط يقدرـــ 22 دولار , إما عراق اليوم فهناك قرصنة زادت على الاوليين والاخرين لتضع تحت أبطئها الاسلوب البدائي والتقليدي الذي تمارسه قراصنة الصومال , من خلال مافيات منصبه تملك الغطاء القانوني ,كالمافيات التي تعمل في وضح النهار للاستيلاء على مئات الملايين من الدولارات للصفقات المشبوهة ,في الوزارات الاكثر فسادا" الدفاع والداخلية والكهرباء والتجارة ... الخ ,أضافة للمشاريع الوهمية المدونة على الورق وحسابتها مدفوعة الثمن , اما على مستوى الاحزاب والتيارات المشبوهة والتي تستخدم مقراتها وبعض مساجدها لإيداع السيارات المفخخة والأحزمة النازفة أضافة للمختطفين , ليعمل بعض رجالها نهارا" في السلطة , ليتنعموا بالامتيازات التي لم ينزل الله بها من سلطان كل في موقعه , ويمارسوا أبشع الجرائم ليلا" ونهارا" , لتسخر بذلك مقدرات الدولة المادية والمعنوية ؟! لتمارس مسلسل القتل و الخطف المنظم , ليفرج عن المحظوظين منهم بفدية ماليه , لو جمعت اموالها السحت , لكانت الاعلى رقما" مما تجنيه قراصنة الصومال منذ نشؤها .
إما على مستوى وزارات الدولة , فاني اجزم إن نسبة القراصنة لكل وزارة يفوق إعداد قراصنة الصومال ؟ بدليل احتلال العراق المراتب الأولى في الفساد الإداري والمالي لسنوات عده بخطى ثابته ؟ مع وجود هيئات رقابه لم نسمع بها من قبل كالمفتشين العموميين , وهيئة النزاهة , والتي بوجودهما زاد الطين بلّه كما يقال , وما نسمعه من تخصيصات مالية ضخمة لبناء البنية التحتية من ميزانية الدولة منذ سقوط النظام البائد إلى يومنا هذا لنقف بدهشة كبيرة إمام تلك الانجازات المتعثرة بفعل القراصنة المحليين , الذين أمليت جيوبهم وايداعاتهم في مصارف العراق والمصارف العالمية التي لهم فيها امتداد ولائي ممنهج على حساب الوطن والمواطن , , من هنا فأني لو خيرت مع من تتعاطف على الرغم من قباحة الموضوع فاني أقولها وبصوت مدوي مع قراصنة الصومال كونهم من بلد معدوم الخيرات , وحكومة هشة لم تستند لرغبة جماهيرها , ناهيك عن كونها مسلوبة الإرادة بفعل مافعلتة الحكومات الراعية للديمقراطية والحرية وفي مقدمتها أمريكا , حيث أخرجت قوات تلك الدول من الصومال قبل عشرين سنة تقريبا" , لتتصدى القراصنة على ارض ومياه الصومال ,حيث إن أهم مايميز تلك الدولة عن باقي دول العالم اجمع ان الجوع يأخذ منها كل شيء ؟! فقراصنة الصومال , ينهبون بضائع وسفن البلدان الأخرى لغرض إطعام شرائح واسعه مسلوبة الملبس والمأكل, إما قراصنة العراق فأنهم تجاوزا الأولين والآخرين في قرصنة أبناء جلدتهم لغرض ملئ جيوبهم وحساباتهم الخاصة والتي لانعرف متى تمتلئ.
من الظواهر السلبية التي تؤسس للنظام الدكتاتوري في ظل النظام الديمقراطي, تقديم المصالح الحزبية والفئوية الضيقة , والولاء المطلق للحزب والقائد الضرورة , وعبادة الاشخاص التي ينتهجها البعض من جمهورها الذين اختلطت عليهم الاوراق , لينتج هذا المسار الخاطئ رجالا" للسلطة , لا رجلا" للدولة, تراعي كثيرا" شركاءها في تقسيم كعكة السلطة , لنبتعد كثيرا" من دولة المؤسسات الى شخصنة الدولة , يختلف عما نراه في الأنظمة الديمقراطية المنتجة في كل الميادين الاقتصادية والعلمية والسياسية , بينما نلمس من رجال الازمات , بغض الطرف عن تفشي ظاهرة الفساد الاداري والمالي الذي تنفذه الايادي المنصبة من قبلهم في السلطة التنفيذية , والتي وصل عطرها النتن الى كل بقاع العالم , كيف لا وهناك ضبابية في اختيار المواطن العراقي لممثليه وهو يتجه لصندوق الانتخاب , الامر الذي أظهر على السطح التخبط السياسي والاقتصادي والعمراني والامني , فمن خلال الصوت الانتخابي الصائب تتحقق الآمال وتتحجم الاحزاب والتيارات المنحرفة , ويبنى الوطن والمواطن لتحقيق مشروع الدولة العصرية العادلة التي تنادي بها القوى المخلصة , لينعم البلد بالخير والأمان ,وبخلاف ذلك أقول للقراصنة الصومال انكم الفقراء اذ ما قورنتم بقراصنة العراق والله من وراء القصد .
https://telegram.me/buratha