هل نحن أبناء الدولة أم أن الدولة إبنتنا...؟ وهل يتعين على الدولة ووفقا لمفهوم أبوة الدولة لمواطنيها، أن تكون حيادية بينهم..
هذين سؤالين سيجيب عنهما معظم من يعنون بفهم طبيعة الدولة ودورها بأننا أبناء الدولة، وأن حياديتها بيننا أمر حتمي...! وهي إجابة أعتقد خطأها بنسبة تفوق على 100%..!..كيف..؟..صبركم علي؛..
من المعلوم أن المبدأين التوأمين: حياد الدولة وسيادة حكم القانون قد شكلا عماد البناء الدستوري التقليدي القائم على المساواة في صورة فهمها الرسمي المبسط. سيما وأن معظم دساتير الأمم قد تضمنت نصوصا تضمن الحق في مساواة المواطنين جميعا أمام القانون الذي تمسك الدولة بتلابيبه.
ودون الخوض في الانتقادات الأكاديمية الموجهة لفكرة "أبوة" الدولة وانتقاد المدارس الفلسفية والسياسية المتعددة لها, يجدر بنا أن نشير إلى أن فكرة أبوة الدولة قد أنتجت بناءا دستوريا رخوا.
فمفهوم الدولة "الوالد" الذي تقوم عليه فكرة حياد الدولة إزاء "مواطنيها" ، مفهوم للحكم يفترض أن تكون الدولة أبا للجميع، هنا أود أن أشيركم إلى مفهوم مهم تسبب به حرفين لا غير، هما حرفي "ها" في كلمة مواطنيها، فهذه الـ "ها" حولت "المواطنين" إلى تابعين للدولة، مع أنهم أساس بناء الأمة التي يفترض أن تخدمها الدولة وفقا للعقد الاجتماعي الذي بموجبه أنيطت مهام "أدارة" المجتمع لا أن يتحولون إلى أتباع...
التبعية وفقا للنظام الإسلامي ليست إلى الدولة بل الى الأمة.."وكنتم خير أمة أخرجت للناس"..أما الدولة فهي ليست إلا أداة من أدوات الأمة لتصل الى درجة "خير" أمة..وبديهي أنه كلما صلحت هذه الأداة ونفذت بنود العقد الاجتماعي بينها وبين من صنعها أو شكلها، فإن الأمة تستقر أوضاعها وتؤدي دورها الحضاري في البناء، وفقا لنظرية الاستخلاف التي بها تنال الدولة مرتبة الحسن وتبتعد عن درجات السوء والقبح والتي عبر عنها القرآن الكريم بالفساد: "وإذ قالَ ربُكَ للملائكة إني جاعلٌ في الأرضِ خليفةً قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ويسفكُ الدماء" ...
إن الدولة لا يفترض أن تقف على بعد متساو بين الصالحين والطالحين، أو بين من يعمروا ألأرض وبين من يخربوها، أو بين ألأخيار والفاسدين وسفاكي الدماء...الدولة ليست أبا عليه أن يرعى حتى المجرمين من أبنائـ"ه" ومواطنيـ"ه"، والدولة لم يشيدها الأشرار بل شيدها الأخيار الذين أوكلوا إليها مهمة خدمتهم وحمايتهم وإدارة شؤونهم واستخلفوها بالإنابة لهذه المهمة...
كلام قبل السلام: من يبحث عن دليل فدونه قول الله سبحانه: (أ فنجعل المسلمين كالمجرمين، ما لكم كيف تَحكُمونَ ) ( القلم: 35-36).
سلام.....
https://telegram.me/buratha